اتفقنا أنا وأقرب أصدقائي الذي أتواصل معه افتراضياً أن يغلق هو الانترنت لمدة يومين وسأكتفي أنا بإغلاق مواقع التواصل، على أن نتحدث مرة أخرى سوياً في صباح اليوم الثالث. لم تمر عدة ساعات حتى شعرت بشعور شديد من الوحدة. في البداية قمت بترك المنزل والذهاب لشراء الطعام، وبعد عودتي، قضيت بعض الوقت في التنظيف ثم حل مسائل رياضية، ولكن فور انتهائي وجلوسي وبدئي في إحمال عقلي بالأفكار، بالإضافة إلى سماع الموسيقى، أكاد لا أحتمل شعور الوحدة والحزن والحرمان العاطفي والرغبة في مشاركة هذه الأفكار مع صديقي أو غيره مرة أخرى.

تماديت في التفكير قليلاً وتخيلت كيف سيكون الحال لو استمريت بدون تواصل لعدة أسابيع أو شهور، كيف سأحتمل هذا الشعور؟ هل سيلجأ المخ للبحث عن بديل؟ هل ربما يكون ذلك محفزاً للعمل بجدية على تطوير علاقات في العالم الواقعي بدلاً من العالم الافتراضي سهل الوصول؟

لا أتخيل حتى كيف سأستطيع النوم مثلا وبداخلي كم من الأفكار حبيسة عقلي، قد يكون سبب كتابتي لهذا الموضوع هو في المقام الأول محاولة لتجنب ذلك.

هذا كله يجعلني أتسائل، كيف كانت الحياة الطبيعية قبل وجود الانترنت أو مواقع التواصل؟ هل كانت العلاقات الواقعية أكثر كثافة وأهمية؟ أم كان الشخص أكثر صبراً وانغلاقاً واكتفاءاً بذاته؟

أريد إجابة ممن عاشوا هذه الفترة كبالغين، لا كأطفال أو مراهقين، لأن فترة الطفولة مختلفة وقد جربتها شخصياً ولا يمكن المقارنة بينها وبين حياة الشخص في الكبر من هذا المنظور.