خرجت مبكراً إلى عملي على غير العادة إلا أني أنهيت غدائي مبكراً. وصلت قبل نصف ساعة من موعدي المتوقع كل يوم، عند السابعة مساءاً إلا دقيقتين. سلّمت على الزملاء الذين استغلوا وصولي مبكراً فخرجوا على عجل.

لا زبائن جدد، الغرف فارغة، لم تحدث حركة مالية في الصندوق، استلمت كل شيء وجلست. تصفحت بريدي الإلكتروني، بضعة رسائل غير هامة حذفتها، رددت على البعض الآخر، بعت بعض الأشياء وقبضت ثمنها، شغلّت الموسيقى وقمت عن الكرسي.

كانت ماجدة الرومي، هي مطربة الليلة، توجهت نحو المطبخ وصنعت كوباً ضخماً من القهوة السوداء بقليل من السكر مشوّبة. عدت إلى حاسوبي وماجدة تتابع بلا تعب ساعتها الأولى.

مرت الساعات الخمس بسرعة على الرغم من الرتابة من حولي، لم يدخل أحد ليحجز غرفة لنفسه أو حتى ليسأل عن السعر ثم يرحل, ما أحبه في عملي في هذا الفندق هو الهدوء المستمر خاصة أني أعمل ليلاً وأنام فيه.

انتصف الليل وتعبت ماجدة فقررت أن أغلق فأنزلت البوابة الحديدية وأقفلتها ثم أقفلت الباب الزجاجي وذهبت للنوم وحيداً في إحدى الغرف الأربعة عشرة المتاحة لدي. منها غرف صغيرة بسريرين وأخرى كبيرة بثلاثة وأخرى أوسع مع أريكة أو اثنتين وحتى غرف للمتزوجين.

لكن بين كل هذه الخيارات الواسعة، دخلت إلى غرفتي الخاصة، هي الغرفة الوحيدة بسرير واحد، وبدون سجادة وبإطلالة على جدران خلفية من الأسمنت المسلح، كانت باردة كالمقبرة.

الغرفة 117

أقفلت الباب ووضعت حاسوبي على السرير لتتابع ماجدة أغنياتها الأخيرة وليكتمل طوق الياسمين، رفعت الصوت قليلاً وتوجهت نحو الحمام لأخذ دوش دافئ لعله ينعش عظامي قبل النوم.

نزل الماء بارداً كالعادة وبعد خمسة دقائق وصل الماء الدافئ من السطح إلى الطابق الأرضي قاطعاً خمسة طوابق للأسفل. نزعت عني ملابسي تدريجياً بعد أن دار البخار من حولي وماجدة في الخارج تغني ( وجلستي فى ركن ركين تتسرحين وتنقطين العطر من قارورة وتدمدمين .. لحناً فرنسي الرنين لحناً كأيامي حزين )

وبدأت أدندن معها وأدرت مقبض الدوش ونزل الماء الحار على فروة رأسي. مرت بضع ثواني حتى استطاع الماء أن يقتحم شعري الملبّد فوق بعضه نتيجة ضغط القبعة الصوفية التي حاكتها أمي وأرتديها طوال اليوم.

نزل الماء وغطى جسمي بالكامل وأمسكت بعلبة الشامبو الطبي وسكبت قليلاً في راحة يدي، بمقدار حبة فول وفركتها حتى تتباعد ذراتها عن بعض نتيجة التجمد الذي أصابها.

فركت فروة رأسي ولم تنتج عنه أية رغوة لأنه ليس مخصصاً لهذا الغرض فأسعفته بإضافة من شامبو طبي آخر لكنه ينتج رغوة.

وهكذا غرق وجهي برائحة طبية ورغوة كثيفة

وفجأة سمعت صوت ثلاثة طرقات على الباب