لفترة ليست هينة من حياتي كنت اعيش في هذا الفخ الذي ترك في 

شخصيتي اثارا تطلبت مني سنوات لمعالجتها، فخ الحياة المؤجلة.

كنت اشعر انني اعيش حياة ليست لي ولا استشعر الايجابيات فيها، بل كل يوم فيها تزداد قناعتي بانني فشلت، رغم ان الواقع في الخارج كان يعكس ايجابيات مختلفة لم اكن ارها، كنت اعمل كشيف ايطالي في بيئة راقية في سن مبكرة جدا، فكنت الأصغر عمرا في مكاني لكن كل ذلك لم يكن يعني لي شيئا، لم أكن قادرا على استشعار أي ايجابية، ولا رؤية أي معنى لحياتي.

 احلم يوميا باليوم الذي أخرج فيه من هذا القالب واتجه نحو هواياتي وأحلامي الحقيقية لكن في الوقت نفسه كنت ارتعد رعبا من احتمال الفشل والتضحية بكل ما توصلت له في السلم الوظيفي، ومن العجز عن تحمل مسؤولياتي، فأصبح هذا الخوف يستعبدني.

فاخترت أن أعيش مع هذا التناقض دون السعي خلف تغييره، اخترت الخيال كملاذ آمن، كلما تطرقت لذهني فكرة عن احلامي وطموحاتي اذهب بعقلي نحو الخيال، فاتخيل هذا اليوم الذي سيأتي ويزيح عني هذه المسؤوليات ويعطيني مجانا فرصة البدء في ما اريد.

فاصبحت بذلك اعيش في رأسي اكثر مما اعيش في يومي.

ظللت عالقا في هذا الفخ لسنوات، حتى بداية كورونا اجبرتني الحياة على مواجهة الفشل الذي كنت اهرب منه، فاصبحت اعيش في اسوء كوابيسي رغما عني!

الحياة اجبرتني على ان ابدأ في ما كنت اؤجله دائما لا كهواية جانبية ولا كحلم مؤجل، فبدأت اكتب واقرأ اكثر وبدأت مواهبي في الكتابة تنفجر تلقائيا، بل وبدات اتعمق في الاعمال البحثية بهدف الربح، وفي كتابة المحتوى واجبرت نفسي على تعلم التسويق الالكتروني ومهارات اخرى، ما حدث لم يكن شجاعة مفاجئة بل كان سقوطا اجباريا في مواجهة المخاوف التي كنت اهرب منها، عندما اختفت الوظيفة اختفى الامان الذي كنت اتشبث به

ما يؤرقني اليوم ليس ما حدث، بل ادراكي اليوم بانني ربما لم اكن لاتحرك ولم اكن لاغير عقلي لولا هذا الاجبار، وان الحياة المؤجلة لم تكن ضعف ارادة، او مهارات، او امكانيات، بقدر ما كانت خوفا متراكما من الفشل، ومن نظرة الاخرين لي، ومن خسارة الامان الزائف الذي تعبت في بناءه حتى لو لم يكن يشبهني

لازلت للآن لا اعرف كيف كان عقلي يجبرني على التفكير بهذه الطريقة واحيانا عندما افكر في الامر اعتقد انني اذا عادت بي الظروف لنفس الدائرة ساختار نفس الاسلوب في التعامل معها