لماذا الناس يحبون؟

هنالك شيئًا ما يغفل عنه الكثير، ربما أنت قد أعجبت فعلًا بهذا الشخص لكن هذا لا يعني بالضرورة أنك قد أحببته هو، بل قد تكون أحببت هذا الشعور، شعور الحب، لأن كل شيء بعد الحب مختلف تمامًا!! خصوصًا لو كانت تجربتك الأولى. الأغاني ستغدو ذات معنى، الأفلام التي كنت تشاهدها وحدك الآن عندما تشاهدها ربما مشهد ما سيطبع في ذاكرتك بشكل مختلف وذلك بسبب أنك أصبحت لديك شخصًا تفكر به، حتى الصباح، والنظر إلى السماء والتأمل في الغيوم وضوء القمر لن يصبح كالسابق لأنك سوف تسأل نفسك: هل هو ينظر للسماء مثلي اليوم؟ معرفة هذه التفاصيل الصغيرة ستسعدك. قبل أن تنام سيخطر على بالك، مستقبلك الذي رسمته بمفردك، لم يعد كذلك، أصبح الآن هنالك شريكًا معك. ذلك المقهى المشهور الذي أردت الذهاب إليه بمفردك الآن ستذهب معه. وأحيانًا مع الأسف بسبب هذه المشاعر ستحب الشخص الخطأ، ولا يعني بالضرورة أن هذا الشخص إنسان سيئ، لكن ربما هو لك خطأ وقد يكون وقتك خطأ أيضًا وعمرك. لذا حين تحب أحدًا ما ضروري أن تسأل نفسك:

(هل أنا فعلًا أحببت هذا الشخص أم أحببت الشعور؟)

كذلك بالانفصال، أي عند انتهاء الحب، لماذا البعض لا يتخطون بسرعة؟ بل ربما يتزوجون وتمر سنوات ويبقى الاشتياق لذلك الحبيب الذي بقي حسرة من حسرات الماضي.

ما بعد الانفصال، كذلك ستبدو الأشياء مختلفة. حين تشاهد فيلمًا حزينًا عن الحب والانفصال ستبكي بحرقة، وسيصبح هذا فيلمك المفضل. وكذلك تلك الأغاني التي تتحدث عن الغدر والخيانة والانفصال ووو حسب سبب انفصالك عن حبيبك. وستبقى تبحث عن أشياء تذكرك بالألم، وسيصبح لكل شيء لم يكن له قيمة من قبل قيمة. وكذلك البعض يغلقون قلبهم ولا يحبون من جديد، وذلك لتفادي الألم وصدمة الحب الذي لم ينجح.

سأتحدث الآن عن قصص حقيقية: كان لدي صديقة مكتئبة جدًا وكأنها فقط تعيش كجسد، ومع الأسف أنا بطبعي لدي ميل لشخصية المنقذ، وهنا بدأت أحاول معالجتها، أرسل لها طرقًا للعلاج وتأملات ووو الكثير، لكنها كانت سلبية جدًا لدرجة تقول لي إنها هي بذاتها لا تريد الخروج من الاكتئاب لأنه أصبح جزءًا من كينونتها. لذلك الأمر مشابه: أنهم يحبون عيش هذا الدور وهو دور الضحية (ضحية الحب).

بعض الأشخاص يعملون بجد ويدخلون إلى النادي الرياضي وبناء عضلات وتطوير نفسهم. بالحقيقة هم يقولون: قد نسينا وتخطينا، لكن هذا الانفصال هو ما دفعهم لذلك، ولو تخطوا لما حصل كل هذا.

وهناك من يحمي نفسه بعدم التخطي لمنع ألم مشابه. فهنالك رجل خانته زوجته، لم يتزوج بعدها وأصبح متعدد العلاقات، بل إن الكثير من النساء قد أحببنه، وقابل العديد من النساء اللواتي كان من الممكن أن يعيش معهن بعلاقة صحية. لكنه أصبح كما يُطلق على مصطلح اليوم (player boy)، وكان يقول: كل مرة أشعر أنني بدأت أحب هذه الفتاة أقوم بخيانتها. وهذه أصبحت طريقته الدفاعية لتجنب التعرض لصدمة نفسية مشابهة لتلك. وهو يقول لنفسه: قد تخطيت زوجتي وخيانتها. لكن بنظري هذا خداع لنفسه، هو ما زال وبعد كل تلك السنوات يعيش بألم خيانتها له.

والآن سأكرر السؤال: عندما لا تتخطى علاقة ما يجب أن تسأل نفسك: هل أنا لا أتخطى لأنني ما زلت أحبه أم مجرد لا أريد تخطي هذا الشعور؟

نقطة أخيرة: يجب أن تتعلم أن تسامح من أجلك أنت. والمسامحة هنا لا تعني عودة الروابط من جديد، لا، بل فقط للتخلص من هذه المشاعر، لأن الكره والغضب والحقد قد تكون مشاعر أقوى من الحب.

وتذكر دومًا هذا الاقتباس الرائع:

(فقط الآجال تقطع الآمال).

ما دمت تعيش وتتنفس، دومًا هنالك بداية جديدة لك وأمل متجدد. عش حياتك ولا تهدرها وتضيعها على من لا يقدرك ويستحقك.

في نهاية هذا المقال أريد أن أهديه لنفسي. بصراحة أنا زينب، وأقول لها، أي لي أنا: أحبكِ زينب، أنا أحبكِ يا نفسي، وأنتِ تستحقين الأفضل، وأنا أثق بكِ وبقدرتك على الوصول لكل أهدافك. كوني بخير دومًا