(أبو أنَس) أحد أفضل العطّارين في حيّنا السكني. جذبني نقاش ساخن بينه وأحد تجّار الجملة ممّن يرتادون المقهى المفضّل لديّ. وقد مثّل هذا النقاش واحدة من أهم معايير التجارة والاستثمار وريادة الأعمال بصفة عامة. لذلك وجدتُ هذه المساهمة تفرض نفسها على مشاركتي هنا.

صرّح بائع الجملة أنه يضطر في الكثير من الأحيان إلى خفض تكلفة بعض الجوانب. بالإضافة إلى أنه قد لا يضغط على زبون مستمر بعد أن يتم رفع الأسعار. وذلك بسبب حالة السوق. لكن (أبو أنَس) كان له رأيًا آخر، فصرّح بما معناه:

أنا لا أخفّض السعر لأحد مهما ارتفع. لأنني بهذا السعر أختار زبائني.

من الناحية التقنيّة، يعتمد وعي المستهلك بالسعر على الآتي:

  1. معرفة سعر المنتج الذي اشتراه أو يقبل على شرائه.
  2. تصنيف المنتجات تبعًا للسعر في المقام الأوّل.
  3. تمييز سعر منتج معيّن بين التصنيفات.

وحسب مفهوم الوعي بالسعر، ينقسم المستهلكون إلى ثلاثة أنواع:

  1. المستهلك العارف بالأسعار بدقّة.
  2. المستهلك العارف بمجال السعر دون معرفة دقيقة بالأسعار.
  3.  مستهلك يجهل كليهما.

افتتح الرجلان أمامي جدالًا طويلًا حول فكرة التسعير. فقد رأى بائع الجملة أن السعر المرتفع أمر غير مقنع بأيّة حال. في حين أن (أبو أنَس) رأى أن ارتفاع السعر لا يعني بالضرورة غضب الزبون. فقد يعني الجودة في الكثير من الحالات.

وضرب العطّار مثلًا بمتاجر العطارة المجاورة. لم يرغب في أن يصف أحدًا بالجودة السيّئة. لكنه يستدل على رأيه بأن هنالك عملاء يتركون هذه المتاجر ذات الأسعار الأقل ويختارونه. لأنه يستطيع إقناعهم بهذه السعر عن طريق الجودة.

بعد النقاش، وبعد أن أسقطتُ حديث (أبو أنَس) على مفهوم الوعي بالسعر، أدركتُ ما يعنيه. فهو من خلال التسعير المرتفع عن المنافسين، ينتقي نوعية بعينها من المستهلكين بشكلٍ غير مباشرٍ.

لكن النقاش ما زال محيّرًا للغاية بالنسبة إليّ. فأنا لم أستقر على أيٍّ من وجهتي النظر. في رأيكم، لو كان منتجي أعلى سعرًا من المنافس، كيف أقنع العميل به؟