في أيام دراستي الثانوية والجامعية، كُنت أرفض أن يتم مُراقبة أدائي الدراسي من قِبل الأساتذة وخاصة أثناء تقديم الامتحانات، أشعر بأنني أتجمد وأصاب بالشلل إن تعرضت لِمثل هذا الأمر، ففكرة أن تتم المراقبة أمقتها جدًا، لعل هناك من يندهش من هذا الأمر ومعهم حق في ذلك كون أن متابعة الأداء التحصيلي مهم لأن يجتهد الطالب في دراسته ويصل إلى مُبتغاه.
ولكن الأمر اختلف بشكل كُلي تمامًا أثناء التحاقي وانخراطي في عدة ووظائف مُختلفة، أصبحتُ أتوق إلى أن يقوم المشرف، صاحب العمل أو المدير بمراقبة وتقييم أدائي بشكل دوري وهذا ما يجعلني إلى أن أحرص على بذل المزيد من المجهود في سبيل تقديم الأفضل، والعكس صحيح، فأن غابت المتابعة والمراقبة قد أشعر بالتراخي والتقاعس عن أداء المطلوب. قد يتهمني البعض بأنني لستُ شخص مسؤول وأنني لا أعمل بضمير وبأمانه ومن هذا القبيل، لكن هذا ليس صحيح، الموظف يحتاج إلى متابعة وتقدير ودعم نفسي له، ربما مرّ بحالة من الإحباط، الانتكاسة أو ظرف ما، فأين هنا مراعاة الجانب الإنساني له!
ما بين عام 1924 إلى 1933 أُجريت تجارب سُميت ب"تجارب هاوثرون" بقيادة العالمين "إلتون مايو" و "فريتز رويثليسبيرجر" في مصانع هاوثرون في ولاية إلينوي الأمريكية. الهدف من هذه التجارب هو معرفة تأثير الاضاءة على انتاجية عمال المصانع، عند تخفيض مستوى الاضاءة في مكان العمل لاحظوا أنّ انتاجية العمل بدأت تتحسن ولكن المفاجأة هنا أن مع انتهاء التجربة،بدأت انتاجية العمال في تراجع وذلك بالرغم من مستوى الاضاءة المنخفض و الأخذ بمعايير أخرى مثل توفير الراحة للموظفين وبيئة العمل. إذًا ماذا يحدث بالضبط؟! بعد البحث الموسّع استخلص الباحثون أنّ انتاجية العمال كانت مرتفعة في التجربة لسبب واحد فقط وهو أن العمال يقدمون انتاجية أفضل في وجود مُراقبة ومُتابعة لأداءهم وهذا ما يُسمى بتأثير هوثورن أو Hawthorne effect.
ربما وُجهت انتقادات لتأثير هوثورن Hawthorne effect، لكن لا أحد ينفي أنّ متابعة أداء الموظفين ومُراقبتهم يؤدي إلى زيادة انتاجيتهم وهذا ما أثبتته دراسة تعود إلى عام 2018 لباحثون في جامعة جونز هوبكنز الأميركية والتي تفيد أنّ أداء العاملين يكون أفضل عندما يكونوا تحت مُتابعة ومُراقبة المدير، ففكرة وجود عيون تُراقبنا وعن كثب هذا بمثابة حافزٌ لمواصلة العمل بأفضل شكل.
بعيدًا عن تأثير هوثورن أو Hawthorne effect، هل تؤيد مُراقبة أداءك في العمل من قِبل مديرك أم ترفض هذا الأمر؟
التعليقات