أوقعتنا الحياة العصرية في عدة مأزق، كثيرون منا وكثيرات يعملن في وظيفتين وربما أكثر لمحاولة الوفاء بالمتطلبات المادية، ولا ننتبه لما قد يسببه ذلك من أثار وخيمة إلا بعد فوات الأوان.
منذ فترة ليست بالقليلة ونتيجة انشغالي بمهمات العمل التي لا تنتهي، لم أتمكن من اكتشاف ضغوط العمل وذلك لعدم توفر الوقت للتوقف والنظر في تأثيرها وما إذا كنت أتعامل معه أم لا.
إنها كما يقولون : دوامة العمل
منذ فترة أصابني صداع شديد، ويوميًا ولا تجدي معه المسكنات نفعًا، بالاضافة إلى ألام وأوجاع لا يستهان بها. فكرت في البداية إن ألم الظهر وغيره من الأوجاع نتيجة زيادة وزني عن المعدل الطبيعي، وقد أرجعت ذلك لزيادة الشهية، وقمت بزيارة خبيرة تغذية وصممت لي نظام يساعدني في تخفيف وزني، ومع الأسف لم يفلح في ذلك حتى الان.
المهم انه أصبح لزامًا علي قبل أو بعد الاهتمام بضغوط العمل، أن أهتم بتوفير أكلات الدايت، فما كان مني إلا أن أضفته لجدول الصباح بعد التجهيز لأكل اليوم للعائلة كلها قبل انطلاقي للعمل، ثم ينتهي بي الامر في اخر النهار إلى شهية مفرطة لا يمكنني السيطرة عليها، ومازلت أحاول.
ومن الامور المؤلمة بحق، أن النوم أيضا لم يعد ملجأ للراحة، كنت أسمع فيما مضى عن اضطرابات النوم ولكنها لم تكن بين أعبائي، الحقيقة ايضا أنني لم أكن مصدقة لهذا الامر، فكيف لشخص متعب طول النهار وينتظر ساعات الصباح الباكر لينطلق في عمله من جديد، كيف له ان لا ينام؟
الان قد عرفت: ما إن أنتهي من واجبات العمل وانطلق إلى واجبات الأسرة، فأنهيها بتفاصيلها الكثيرة واطمئن على أمي ولو بالهاتف، الآن وقت النوم الذي لا يأتي، بل تأتي بدلا عنه كشوف الحساب لما دار في يومي من أحداث. ففي موضوع كذا ما كان ينبغي ان افعل كيت وكيت، ثم ماذا عن اجتماع الغد؟ وهناك ايضا ورشة العمل التي علي ان أجهز لها وما زاد الطين بلل أنها تتناول موضوع هام وجديد لابد من الاستعداد له بقوة، ... والكثير والكثير من الافكار المزعجة عن العمل وغيره، لم تجد إلا ساعات النوم لتهاجمني فيها، ولا تتركني هذه الافكار إلا عندما أنهض لكتابتها للتعرف عليها ثم لترتيبها تبعا للأولوية، ثم محاولة وضع خطط قصيرة لمواجهتها.
فيكون كل ما يمكنني تحصيله من نوم هو سويعات قليلة، لا وقت لأكثر من ذلك فعلي القيام لاستكمل المسيرة.
وحتى لا اطيل عليكم، كانت أحدث الاضافات إلى قائمة المتاعب، هو الشعور بالدوران والذين لم يتوقفا إلا بعد تناول دواء لتنظيم ضغط الدم، هذا الزائر الثقيل الذي لم أحب أن استقبله ابدا. والحمد لله على كل حال.
وفي جلسة هادئة مع إحدى الصديقات، اخبرتني ان سبب كل معاناتي هو ضغوط العمل، وانه ما كان ينبغي علي أن أترك هذه الضغوط لتهلك صحتي الجسمية والنفسية مهما كان الثمن. فما احصل عليه من عمل سأنفقه الان على العلاج.
وتبين لي ان ما أمر به من : أوجاع وآلام غير مبررة وتغير في الشهية أدى إلى زيادة الوزن والصراع مع النوم والأفكار المقلقة ... كل ذلك بسبب ضغط العمل وليس بسبب ضغط الدم.
فوفقًا للدكتور جابور ماتي (مؤلف كتاب عندما يقول الجسد لا: تكلفة الإجهاد الخفي)، فإن الإجهاد يسبب العديد من الأعراض الجسدية أكثر مما ندرك. يمكن أن يكون الألم غير المبرر إشارة من الجسم لتنبيهك إلى حقيقة أنك تفرط في المسئوليات.
والان، ماذا برأيكم علي ان أفعل:
- هل الحصول على اجازة لفترة سوف يساعدني على استرجاع الهدوء لنفسي ولحياتي؟
- أم أنه من الأفضل أن أذهب لزيارة طبيب نفسي؟
- أم اتناول دواء الضغط في مواعيده وأبحث عن طبيب تغذية أخر يصف لي دواء لسد الشهية وطبيب أخر يصف لي دواء للنوم، ولا داعي للأجازات لأن هناك الكثير من المهمات لابد من عملها والاشراف عليها كنوع من التقييم قبل نهاية العام؟
التعليقات