يشترك العديد من المتفوقين في أمرٍ ما لا يفصحون عنه لأحد، هو أنهم في أعماقهم يشعرون وكأنهم محتالون جدا ودجالون لأنهم يعتقدون أن إنجازاتهم كانت نتيجة حظ أو صدفة، اعتقادًا منهم بأنهم غير أكفاء وغير مجتهدين على الرغم من الأدلة التي تشير إلى أنهم مهرة وناجحون تمامًا. إن هذه الظاهرة هي إحدى الظواهر النفسية، المعروفة باسم متلازمة المحتال.
يمكن القول بإنها فوضى من المشاعر تسبب الإلتباس. وتجعل النجاح ليس مرضيًا، وأنه كان من الممكن تحقيق أداء أفضل. وهذا الشعور ليس صحيا، وسوف يضر بالإنتاجية على المستويين الشخصي والعام مع مرور الوقت. لأن تحقيق الإنجازات والاحتفال بها أمرًا ضروريًا لتجنب الإرهاق والشعور بالرضا وتنمية الثقة بالنفس. ومما يزيد الطين بلة أن هذه الظاهرة يمكنها أن تتخذ أشكالًا مختلفة، اعتمادًا على ثقافة الشخص وشخصيته وظروفه.
إلا أن هناك عدد من السلوكيات تشير إلى ما إذا كنا نعاني من هذه المتلازمة أم لا، ومنها مثلا أن ننتظر من حولنا ليثنوا علينا ويمدحوا عملنا ويكتشفوا مواهبنا. وقد قامت الدكتورة فاليري يونغ ، بتصنيف متلازمة المحتال إلى مجموعات فرعية، اشهرها: الكمال، والمرأة الخارقة أو الرجل الخارق، ولا شك أنه من المفيد التفكير في نوع المحتال الذي أنت عليه حتى تتمكن من حل المشكلة والاستمرار في تحقيق النجاح تلو الاخر بثقة.
- الكمال : هو أول أشكال هذه المتلازمة، وغالبًا ما يسير السعي إلى الكمال ومتلازمة المحتال جنبًا إلى جنب. وجميعنا نرى المثاليون يضعون أهدافًا عالية جدًا لأنفسهم، وعندما يفشلون في الوصول إلى هدف ما، فإنهم يعانون من شك كبير في أنفسهم ويقلقون بشأن النتيجة. وسواء أدركوا ذلك أم لا ، تقول الدراسات أن هذه المجموعة مهووسة بالسيطرة ، ويشعرون بأنهم إذا لم يقوموا بفعل الشيء بأنفسهم، فسوف لن يتم بالشكل الصحيح. وهؤلاء الأشخاص معروفون بالمغالاة في الدقة والحبكة ويجدون صعوبة كبيرة في التفويض، وغالبا ما يشعرون بالإحباط وخيبة الأمل من النتائج. ويتهمون أنفسهم بالإهمال عندما تفوتهم الدرجات النهائية ولو بنصف درجة ويفكرون في ذلك لأيام، لأن عملهم يجب أن يكون 100% من النجاح و100% من الوقت.
ولعلاج هذا الشعور من الضروري أن نتعلم أن نأخذ أخطائنا خطوة بخطوة ، وان نعتبرها جزءًا طبيعيًا من العمل تجاه الهدف. بالإضافة إلى ذلك، علينا بإجبار أنفسنا على العمل قبل حتى أن نكون مستعدين. نجبر أنفسنا على بدء المشروع الذي كنا نخطط له منذ شهور. لأنه في الحقيقة لن يكون هناك "وقت مثالي" ولن يكون هناك عملك خاليًا من العيوب بنسبة 100٪. وكلما تمكنا من قبول ذلك الأمر مبكرًا كلما كان ذلك أفضل.
- المرأة الخارقة أو الرجل الخارق
نظرًا لأن الأشخاص الذين يعانون من هذه الظاهرة مقتنعون بأنهم محتالون بين زملائهم عندما يقومون بأي إنجاز، فهم غالبًا ما يدفعون أنفسهم للعمل بجدية أكبر وأصعب من أجل تحقيق النتائج المثالية. لكن هذا مجرد تغطية زائفة لشعورهم بعدم الأمان، وقد يؤدي عبء العمل الزائد إلى الإضرار ليس فقط بصحتهم العقلية ، ولكن أيضًا بعلاقاتهم مع الآخرين. وتجدهم يبقون في المكتب حتى وقت متأخر وربما حتى ينصرف باقي أعضاء الفريق، حتى بعد تجاوز النقطة التي أكملوا فيها العمل الضروري في ذلك اليوم، ويشعرون بالتوتر عندما لا يعملون ويجدون أن وقت التوقف عن العمل هو وقت ضائع، ويتركون هواياتهم وعواطفهم تسقط على جانب الطريق، يشعرون بأنهم لم يحصلوا على ما يستحقون، على الرغم من الدرجات والإنجازات العديدة، ولذلك يشعرون بالضغط للعمل بجد أكبر ولمدة أطول مِن من حولهم لإثبات جدارتهم.
ومدمنو العمل المحتالون هم في الحقيقة مدمنون على الشعور الذي يأتي من العمل ، وليس على العمل نفسه. ولعلاج هذا الأمر عليهم بتدريب أنفسهم للابتعاد عن التأكيدات الخارجية بانهم أكفاء. لا ينبغي أن يتمتع أحدهم بالقوة التي تجعلنا نشعر بالرضا عن أنفسنا أكثر منا حتى رئيس العمل. وعلى الجانب الآخر ، علينا أن نتعلم أن نأخذ النقد البناء على محمل الجد وليس بشكل شخصي. وعندما نصبح أكثر توافقا مع التأكيدات الداخلية وقدرتنا على تعزيز ثقتنا بأنفسنا التي تعني أننا مؤهلون وماهر ون، حينها سنتمكن من التخفيف من حدة العمل ونقيسه بالمعيار المعقول.
وهناك أشكال أخرى من متلازمة المحتال منها: العبقري بالفطرة، العازف المنفرد، والخبير، فهل وقعتم تحت تأثير أي نوع من أنواع هذه المتلازمة؟ وكيف أعاقتكم عن الشعور بالإنجاز وعن متع الحياة الأخرى وكيف تخلصتم منها؟
التعليقات