معاناة في طياتها رحمات

أضحى الشلل يقعد سوادي الضئيل ، ويلقيه على كرسي أو على السرير، وضعيتان لا ثالث لهما، اعتقدت لمدة بأن الأمر مؤقت وسرعان ما يزول المصاب، وتعود إليّ الحياة، وتعود نفسي إلى نفسي .. كنت أترقب اللحظة التي أقف فيها وامشي مجددا ، فأرخي سمع احساسي عساني أشعر بأي اشارة تبشر بدبيب الشفاء ، صار المشي حلما أتوق وتتوق له كل الأسرة .

تمنيت أن يتحقق ليس لأجلي ولكن لأجل زهرتيّ واحبتي ، لأجل أبي وأمي اللذان لم يرقأ لهما دمع مذ الحادث، كان قلبي ينفطر كلما رأيتهما على تلك الحال ، لأجلهما كنت أسطنع رباطة الجأش وأرسم ابتسامتي المعهودة العريضة بحجم أوجاعي ، لأطمئنهما أني بخير لم يتغير فيّ شيء ، دعواتهما كانت تمنحني السكينة ، وتنسج لي لباس العافية النفسية ، وتجعلني مستعدة لمواجهة المجهول بصدر أعزل من الأمنيات دون خوف .

مرت علــينا أيـام وأيام ، عالجنا فيها الآلام ، وذاقت معي أسرتي الموت الزؤام .

لأول مرة أعرف بحق معنى أن يكون الإنسان بصحة وعافية متأنقا ، متنعما بسابغ المنح ، مستغنيا عن الخلق ، نعمة عظيمة تتجلى فيها رحمة الخالق سبحانه بعباده وأفضاله عليهم ، بيد أننا لا ندرك فضلها ونحن ننعم بها . أسـأله أن يعرفكم نعمه بدوامها ..

هكذا أبى المرض إلا أن يعلمني و يصوغ شخصيتي ويشكلها شكلا آخر، بفــــــــكر آخر، يقدر الأمور على حقيقتها ، سافرة من كل غبش وزيف لأعيش بأفكار جسمي الحاضر الذي ما عاد بحاجة للوقوف على قدمين، وقد طغت روحانيته على بشريته وطبيعته الطينية المتهالكة ، وفاز بمعية رب الثقلين .

إن هاته الكلمات تبوح لك عن مكنونات نفسي ، وكل مناي أن لا تتيه عن غايتها ، في الولوج الى أعماقك لعلها تمسح على صفحة قلبك المثخن بالجراح او ربما تساعدك في التغلب على أحاسيس أوقعتك فيها الملمات، و تأخذ بـــيدك للخروج من سخام الاحباط ؛ لأن مشاكل الدنيا تهون أمام تنعمك بعافية الصحة ولا شيء يستحق في هذه الحياة ولا حتى الأشخاص أن تعكر صفو أيامك لأجله صدقني..

المشاركة الاصلية على مدونتي

<a href="

">مدونة ترانيم ملك