إذا كنت شخصية لطيفة ومهذبة بشكل زائد، فأنت بالتأكيد تهتم بالآخرين وتسعى لمساعدتهم وقضاء مصالحهم، أيضا تهتم كثيرا برعاية مشاعرهم فتنتقي كلماتك ونبرة صوتك أثناء الحديث معهم خشية أن تجرح مشاعرهم أو تُغضبهم، ولكنك لا تفعل تلك التصرفات الجميلة مع نفسك؛ فأنت تُؤثِر الآخرين دائما وتُفضِّلهم على نفسك وتبخس نفسك حقها، لا تُثني على نفسك بعبارات ثناء جميلة عندما تُحقق نجاحًا أو إنجازًا في أي جانب من جوانب الحياة، تجلد نفسك عند ارتكابها لخطإٍ ما وتقسو عليها ولا تسامحها أبدا، تتحدث إلى نفسك غالبًا بعبارات سلبية (مثل انا فاشل، انا ضعيف، لن أستطيع النجاح في هذا الأمر، وما شابه ذلك) مما يُضعف من ثقتك بنفسك.

هل لاحظت الآن التناقض بين طريقة تعاملك مع الآخرين وطريقة تعاملك مع نفسك؟

اعلم جيدًا أن الطريقة التي يتعامل بها الآخرون معك تتوقف على الطريقة التي تتعامل بها مع نفسك، فإذا كنت تُعامل نفسك بالطريقة التي ذكرناها فتأكد أن الصورة التي تظهر للآخرين عنك هي أنك شخص ضعيف عديم الثقة بنفسه، وبالتالي ستجد من يتحدث إليك بطريقة غير لائقة دون مبالاة بمشاعرك، ومن يكلِّفك بمهام سخيفة ليست من واجباتك ولا يُقدِّر مجهودك حتى بعد أدائك لتلك المهام وكأنه يعتبر الأمر حق مكتسَب له وواجبٌ عليك، ومن يتعدى على خصوصياتك أو مساحتك الشخصية، وما شابه ذلك. أما إذا كنت تحترم نفسك وتُقدرها وتتعامل معها بشكل إيجابي وترسم حدودًا حولك لا يجوز لأحد تخطيها، ستُجبِر الآخرين على احترامك وتقديرك والتعامل معك بشكل لائق واحترام حقوقك وحدودك.

بالتأكيد أثناء محاولتك لتغيير شخصيتك للأفضل ستجد بعض الأشخاص الذين يحاولون انتقادك أو السخرية منك أو تثبيط عزيمتك، لا تلتفت إليهم؛ فهم شخصيات سامة يشعرون بالتوتر والغضب عندما يجدون من هو أفضل منهم، أنت تدرك الآن أن هؤلاء هم أكثر الأشخاص الذين اعتادوا على استغلالك والتقليل من شأنك في السابق، حسنًا دعهم يرون الآن نسختك الجديدة التي تتمتع بالاحترام والثقة والقوة، صدقني ستجبرهم في النهاية على احترامك والتعامل معك بطريقة جيدة وسويَّة.

قبل أن تبدأ في هذا التغيير أريد تنبيهك لأمر هام، لا يعني هذا التغيير أن تتخلى عن التهذيب واللطف تمامًا لتصبح شخصية حادة وشرسة؛ فهذه شخصية سيئة أيضًا ومؤذية لك ولمن حولك، ولكن ما أهدف إليه هو أن تتمتع بمزيج رائع من الاحترام والثقة والقوة والتهذيب واللطف، فتكون شخصية ودودة ومحبوبة وقوية ومحترمة.