تستيقظ من النوم كالعادة وتذهب لترتدي بعض الملابس وتأكل وجبة الإفطار، ثم تتوجه للخروج من المنزل لتذهب للمدرسة أو العمل أو أي مكان وطبعاً تأخذ معك بعض (الأقنعة) ، تلتقي هناك بزملائك في الدراسة أو العمل فتضع قناع (يمكنني الكلام أيضاً) فتُغير لهجتك التي تحبها وتتكلم بها دائماً، للهجة المتعارف عليها عند كلامك معهم، رغم صعوبة الكلام بها، يأتي الأستاذ ليشرح الدرس فترتدي قناع (أنا مهتم) لتُظهرَ أنك مهتم بالدرس بينما أنت تكره الدرس ولا تعلم ما فائدته وتتحسّر على الساعات التي أضعتها في معرفة شيء لن تستخدمه في حياتك، تأتي الفسحة ويأتي معها مجموعة من الطلاب هدفهم الوحيد هو استفزازك ورؤية ردة فعلك، فتضع قناع (هذا مضحك)

بسبب ضعف شخصيتك وخوفك من أن يتم ضربك، ينتهي يومك الدراسي ويأتي والدك ليأخذك للمنزل ويسألك : هل أنت بخير يا ولدي؟ كيف كان يومك؟

فتجيبه مرتدياً قناعاً أظنك تعرفه، قائلاً : أنا بخير.

تدخل المنزل وقد أتعبتك الأقنعة بسبب ثِقل وزنها فتنزعها وتدخل لغرفتك، ماذا؟

ألا تعلم بأن الأقنعة ثقيلة؟ وهل تظن أن تقمُص الأدوار وإختلاق المشاعر المزيفة وإخفاء ما بداخلك شيء سهل؟

تفكر في موقف الناس منك، وسبب عدم شعورهم بألمك، فتكتشف أن السبب من البداية هو أنت، أنت من كنت ضعيفاً لدرجة أنك كنت تخاف أن تُظهر مشاعرك أمام الآخرين، أنت من كان يخاف من آراء الآخرين ونظرتهم لك، فتنظر لنفسك وتفكر بضعفك الذي جعلك تتحمل كل هذا الألم، تنظر لنفسك وتفكر : هل كل ما كنت أفعله كان صحيحاً؟ تفكر في كلمة جرحتك ولم تستطع أن تردها، تتذكر أن كل ما فعلته لأجل الآخرين وكل مرة حاولت أن تكون كما يريدون كانت النتيجة دائماً ان يتم تجاهلك، وتدرك بعد مرور زمن طويل أنك فقدت ثقتك بنفسك وضيعت وقتك لطلب رضا الآخرين، تدرك أنك صِغَرِك كنت تضع الأقنعة، فكنت تضع قناع (أنا غير مهتم) عندما تسمع كلمة تجرح مشاعرك، في الحقيقة أنت كنت تتألم من تلك الكلمة الأشبه باللكمة، وتتألم من وضع القناع، فكنت أكثر من يعاني.

تدرك أن هناك أقنعة يجب أن لا تلبسها دائماً، ولا أن تتركها بالكلية، فأنت في الحياة شخص غريب، قد تحتاج قناعاً عندما تواجه عدواً ، وقد تحتاجه لتخفي شعوراً قيماً، فلا أحد يحب أن ينظر الناس له وهو يبكي، الضعف شعور يحتاج لأكثر من قناع لتغطيه، فتقرر أن تتحكم بمشاعرك، فتظهر الغضب عندما يحتاج الأمر لهذا، وتخفي الخوف عندما يحتاج الأمر لهذا.

تقرر أن تعيش كما تريد، لا كما يريدون.

تدرك أن بقائك بدون قناع كالفارس الذي لا يرتدي درعاً، قد يصاب بسهم لا يعرف مصدره، وإرتدائك للأقنعة طوال الوقت كأنك ترتدي دروع تغطي جميع جسدك، فلا تستطيع أن تُقاتل لتُطوِر نفسك مستقبلاً.

تدرك أن (الاقنعة) ليست سيئة دائماً، هي فقط تحتاج لأن ترتديها في الوقت المناسب.