ذات يومٍ ، قالَ لي والدي بأنه عِنْدمَا كانَ في مرحلةِ الابتدائية ، كانَ يذهبُ والدهُ مخاطبا معلم المدرسة : لكم اللحمُ ولنا العظم ,أي بمعنى أن يقدم الأب ابنه كعربون صداقة بينه وبين المعلمين ,حيثُ لا يجدُ التلميذُ حينها مفراً من الإقبالِ علي التحصيلِ والمثابرةِ واكتسابِ السلوك السوي وهو يعلمُ يقيناً أن أباه قد أهدر لحمه ووهبه لإنزال أشد أنواع العقاب عندما تستدعي الضرورة التي ترك أمر تقديرها للمدرسين .

كتبتُ هذا الموضوع بسبب حرقة قلبي ،وذلكَ عندما سمعتُ قبل مدة بسيطة بأن طالب قام بضرب معلمه أمام زملائه ، مهما كان السبب .. ما كان عليهم عمل هذا الفعل الشنيع.

سأقدمُ مقارنة بسيطة حولَ الجيل السابق وجيل اليومِ ، حيثُ كان جيل السابق تصفّق على وجهه ويديه.. وما ضرّهم

حيثُ كانوا يضطرون إلى تقبل لسعات "عود الخيزران" و"الفلكة" و"قرصة الأذن"، دون إبداء الأعذارِ ومعرفة الأسبابِ ومسوغات العقابِ، التي استوجبت لدى أستاذ المادة أو حتى إدارة المدرسةِ معاقبة هذا الطالب أو ذاك. ناهيكَ عن العقابِ المعنوي المتمثل في المنعِ من الخروجِ للفسحة أو الوقوف أمام باب الإدارةِ، أو كتابة نص القراءة عشر مرات، أو العقاب أمام الطلاب أثناء الطابور الصباحي، أو الوقوف في الفصلِ مع رفعِ الأيادي إلى الأعلى ، حيثُ كانت هيبةُ المعلمِ ومدير المدرسة آنذاك تسبق حضوره إلى الفصل، بل ترافقهُ أثناء الدوام الرسمي وخارجه. وكانتْ المناهجُ تتسمُ بالقوةِ في كثرة معلوماتها وغزارتها وأصبحوا جيلًا متفوقًا وحاملًا شهادات ...

أما جيل اليوم ،"راعوا نفسيته لا تعقدوه" ، برغم تطورُ المناهجُ الدراسية وانتشار التكنولوجياِ ومنع العقابِ، إلا أن مستوى جيل اليوم متدن وقدرتهم على الفهمِ والتحصيل ضئيلة ، كما قلت هيبةُ المعلم والطلاب ينهون مرحلة الابتدائية وهم لا يستطيعوا الكتابة وأخلاقهم فسدت .

هنا لا أدعو لعودةِ الضرب في المدارسِ كما السابق، لكنني ضد تصوير التأديب بالضربِ في المدارس على أنه يحطمُ شخصيةَ الطالبِ، فهذا غير صحيح على الإطلاق، بدليل أن طلاب الأمس أصبحوا اشخاصا يُقتدى بهم ، بينما طلاب اليوم أصبحوا يمضون ساعات على الانترنتِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعي وعلى لعبة الببجي وغيرها ، كما أن أخلاقهم لم تعد مقبولة مثل السابق .

هل حان الوقت لإعادة هيبة المعلم و لإعادة النظر في طرق وأساليب التعليم والتعلم في بلادنا ؟