تردي التعليم هي من أكثر المشاكل التي تواجه معظم المجتمعات العربية لما تحتاجة من ميزانية ضخمة ، ولقد صادف أن خضنا العديد من النقاشات حول تطوير التعليم ومشاكله بأشكال مختلفة ، حيث أن ملف التعليم من أكثر القضايا حساسية وتأثيراً في المجتمعات العربية، ولكن أنا أرغب في طرح منظور مختلف للفكرة ، ليس من منظور فرد عادي من الشعب لأنه (غالباً) سيقدم أقتراحات بسيطة من شخص عادي .. لكن ماذا إذا كنت مسئول للتخطيط أو أستشاري أو حتى وزير التعليم نفسه كيف ستفكر في حل مشاكل التعليم المختلفة من وجهة نظرك أو ما هي الألية التي ستتبعها لتحدث تغيير في منظومة التعليم ببلدك؟
كأولويات ما التغيير الذي يجب أن يحدث في منظومة التعليم ببلدك؟
تجربة التعليم في مصر تُعد نموذجًا غنيًا بالتحديات والدروس، خاصة إذا نظرنا إليها من زاوية مسؤول تخطيط أو وزير تعليم يسعى لإحداث تغيير حقيقي. فالمشكلة ليست فقط في الميزانية، بل في إدارة الموارد، وضبط الأولويات، وتغيير الثقافة التعليمية نفسها.
إذا كنت في موقع المسؤولية، فهذه هي الآلية التي سأتبناها:
1. إعادة تعريف الهدف من التعليم
ليس المطلوب تخريج أعداد، بل بناء إنسان قادر على التفكير، الإنتاج، والمشاركة المجتمعية.
سأبدأ بسؤال جوهري: ما نوع المواطن الذي نريد أن نصنعه؟
ثم أُعيد تصميم المناهج لتخدم هذا الهدف، لا لتُراكم المعلومات.
2. إصلاح البنية التحتية والرقمنة الذكية
- تطوير المدارس في المناطق الريفية والحضرية بشكل متوازن
- إدماج التكنولوجيا بشكل تدريجي وهادف، كما حدث في مشروع "التابلت" المصري
- إنشاء بنك معرفة وطني يربط الطلاب بالموارد العالمية
3. تمكين المعلم لا مراقبته
- رفع كفاءة المعلمين عبر تدريب مستمر وممنهج
- تحسين أوضاعهم المادية والنفسية، لأن المعلم المحبط لا يُنتج طالبًا واعيًا
- إشراكهم في تطوير المناهج بدلًا من فرضها عليهم
4. إصلاح منظومة التقييم
- الانتقال من الحفظ إلى الفهم، ومن الامتحان الواحد إلى التقييم التراكمي
- استخدام أدوات قياس متنوعة: مشاريع، عروض، اختبارات قصيرة، تقييم ذاتي
5. ربط التعليم بسوق العمل
- تطوير التعليم الفني وربطه بالاحتياجات المحلية والعربية
- إدخال تخصصات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، والبرمجة
6. الشراكة المجتمعية
- إشراك أولياء الأمور والقطاع الخاص في دعم التعليم
- تعزيز ثقافة التعليم كقضية وطنية لا حكومية فقط
7. الحوكمة والشفافية
- إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة جودة التعليم
- نشر تقارير دورية عن الأداء التعليمي ومؤشرات التحسن
تجربة مصر تُظهر أن الإصلاح ممكن، لكنه يحتاج إلى رؤية واضحة، إرادة سياسية، وصبر استراتيجي.
بالبداية يجب أن أشيد بالمجهود التنظيمي لفكرتك فهذا يجعلها أقرب لنا في الفهم والنقاش مع استعراض دقيق لكل نقطة وسأبدأ بتلك الجزئية :
ليس المطلوب تخريج أعداد، بل بناء إنسان قادر على التفكير، الإنتاج، والمشاركة المجتمعية.
سأبدأ بسؤال جوهري: ما نوع المواطن الذي نريد أن نصنعه؟
بناء الأنسان هة المعادلة الصعبة وهي النقطة الأهم بجانب تحسين وضع المعلم في أغلب مساهمات الأصدقاء الذين شاركوا بالرد وهي بالفعل نقطة محورية ، أتذكر في مرحلة ما من تاريخ مصر حيث كان هناك العديد من المرشحين (الحقيقين للرئاسة) في مرحلة حساسة قبل تولي الأخوان الحكم ، كان هناك مرشح مهم أسمه (محمد العوا) كان منهجه أو برنامجه الرئاسي بالكامل يركز على نقطة بناء الأنسان مستلهماً نموذج مشابه لتجربة دولة سنغفورا ، وكان واحد من المرشحين الذين أسترعوا أنتباهي حقاً عندما كنت أهتم بحضور فعاليات إنتخابية والمقارنة بين برامج المرشحين المختلفة.
إنشاء بنك معرفة وطني يربط الطلاب بالموارد العالمية
أعتقد أن النقطة الثانية بالكامل أتفق معها شكلاً وموضوعاً ، ولكن أود أن أستوضح أكثر بخصوص فكرتك تلك لأني لم أفهمها .. فماذا تعني ببنك معرفة وطني؟
تحسين أوضاعهم المادية والنفسية، لأن المعلم المحبط لا يُنتج طالبًا واعيًا
إشراكهم في تطوير المناهج بدلًا من فرضها عليهم
أحترم بشدة تلك النقاط وأرفع لها القبعة لأن الأهتمام (مادياً) فقط بالمعلم لا يكفي ، بل أن يكون لدينا معلم (صحيح نفسياً) لأنه ببساطة القدوة التي تنقل صورة العلم والمستقبل للطلبة والأهتمام به ليكون مؤهل نفسياً هي أمر له أولوية هائلة .. ربما أضيف على ذلك نقطة ببناء صورة ذهنية ذكية للمعلم في وسائل التواصل الاجتماعي وفي السينما والتلفاز لإظهار المعلم (قدوة ومثل) يحتذى به لترسيخ صورة إيجابية ذهنياً في الأجيال القادمة ، وفكرة مشاركة المعلم في تطوير مناهج التعليم هي واحدة من أذكى الأفكار التي تستحق الإشادة.
وفيما يتعلق بإصلاح منظومة التقييم ، وربط التعليم بسوق العمل : أتفق تماماً في كل النقاط التي تشملها .
6. الشراكة المجتمعية
إشراك أولياء الأمور والقطاع الخاص في دعم التعليم
هذه النقطة أحتاج منك لأن أفهم منك كيف يمكن إشراك أولياء الأمور والقطاع الخاص في دعم التعليم؟
7. الحوكمة والشفافية
إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة جودة التعليم
نشر تقارير دورية عن الأداء التعليمي ومؤشرات التحسن
تجربة مصر تُظهر أن الإصلاح ممكن، لكنه يحتاج إلى رؤية واضحة، إرادة سياسية، وصبر استراتيجي.
هنا نصل لأكثر النقاط حساسية بوجهة نظري : الشفافية و وجود هيئة مستقلة لمراقبة جودة التعليم .. وهي حجر الأساس لجعل تلك الخطة متكاملة وليست خطة شكلية يمكن التلاعب بها من قبل المنفذين لها .. ولكن الإشكالية تكمن أن تقدم البلد الحقيقي يبدأ من تعليم حقيقي وهو ما يجعل البلد لديه الوعي الكافي في خلال عدة سنوات لتنفيذ إصلاح حقيقي ، وهو ما يشكل تهديد مرعب لكل النافذين في مواضع الفساد المختلفة ، لأن القاعدة تقول أن الفساد يزدهر في البيئة التي تحتوي على الجهل والفقر، والتعليم كفيل بأن يخلق الوعي الكافي لمحاربة الجهل والفقر ، ووجود تلك الهيئة المستقلة سيعادي الفاسدين في كل منصب .. فهل فهمت ما أقصد؟
أحب أن أختتم حديثي أنني أستمتعت للغاية بقراءة مقترحك وأنني كنت لأقوم بتزكيتك كوزير طالما أنك ستنفذ تلك الخطة .. وأتطلع لمعرفة كيف سترد على بعض تساؤلاتي التي طرحتها.
التعليقات