حادث الأمس أثر في كثيراً ولم أتوقف عن التفكير في الأمر منذئذ، كشخص معتدل وحيادي في كل ما يخص السياسة والدين، حيث أنني لست منحازاً إلى أي حزب ولا دين، أتعامل مع الأمر فقط على أنه جريمة في حق الإنسانية، وليس بعيداً أن أكون أنا أو من أحبهم ضحايا الحادث القادم. حينما تستمع إلى صدى وسائل الإعلام وآراء الناس حول الحادث، لا تتعجب من أن الإرهاب لم ولن يتوقف، هذا لأن الجميع يحرص على أدلجة الإرهاب، المسلم يتنظر من غير المسلم قتله حتى يتسنى له إتهام الغرب بالإرهاب، والغرب فور وقوع حادث إرهابي على يد مسلم يستغل الفرصة ليلحق صفة الإرهاب بالمسلمين، وهكذا أصبح الأمر عبارة عن مباريات إرهابية، أنا قتلتلك هذه المرة وأنت ستقتلني المرة القادمة وكل ما يهمني هو أن أقول "أرأيتم من الإرهابي الآن؟" لكن أرواح الأبرياء ليست إلا تفاصيل هامشية!

كنت أفسر الأمر دائماً على أنه عصبية ودوجمائية من قبل المتطرفين، لكن اتضح ان هناك مشكلة أخرى وهي تناول حتى غير المتطرفين للأمر، المسلم غير المتطرف يدين التطرف الذي يلحق بالمسلمين، والمسيحي الغربي الغير المتطرف يدين التطرف لأنه ينال من أبناء عرقه وهويته، وهذا يقودنا إلى استنتاج أن حتى غير المتطرفين يريدون الانتصار لأيديولوجيتهم وليست القضية هي الإرهاب والقتل بشكل عام، ولذلك لا أتوقع أن ينتهي الأمر ابداً، طالما القضية الكبرى هي أدلجة الإرهاب وليس القضاء عليه، ترديد عبارات مثل الأرهاب الإسلامي أو الإرهاب المسيحي لن تزيد الأمر إلا كراهية كل طرف للآخر، وبالتالي: المزيد من العمليات الإرهابية بدافع هذه الكراهية. لا يقابل التطرف دائما وأبدا إلا بتطرف آخر، وهنا يأتي السؤال: أين المعتدلون؟ أين اللامنتمون لأي من الطرفين؟ لماذا لا يضع هؤلاء حداً إلى هذا العبث؟ لماذا أصواتهم ليست مسموعة؟ لماذا لا يُحارَب الإرهاب وفقط الإرهاب؟ لماذا لا يتوقف تسمية الضحايا حسب دينهم أو عرقهم؟ لماذا القضية الكبرى هي الأيديولوجية وليست النفس البشرية؟ كيف يمكن أن يعيش شخص بأهداف وأحلام في عالم بائس كهذا لا يرجى برؤه؟ كيف يمكنني أن أعيش مطمئناً وأنا أتوقع تفجيري في أي وقت فقط لأن هناك شخص يريد أن ينتصر لأديولوجيته؟

هل وجودي في المنتصف لن يسفر إلا عن هجمات من الطرفين؟ أم هل سينتصر من هم في الوسط يوماً؟

[كالعادة لا أعلم أين أضع هذا الموضوع، إن كان هناك مجتمع مناسب فلينقله مديره مشكوراً]