حاول إنسانيوا النهضة و مفكروا عصر الأنوار صياغة أفكار يمكنها تحرير الإنسان من إستغلال الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تحطم العزائم و تقف كحاجز أما العلم و المعرفة اللاسكولائية. فأفرزوا بذلك ما يسمى اليوم بالعلمانية، و قد استمرت هاته الصياغة و تحطيم أغلال الكنسية خمسة قرون راح ضحيتها الملايين من الأرواح و ألفت حولها الملايين من الكتب. فجاء الرجل العربي المتسكع بين دروب باريس. فاسستهلك هاته الأفكار بين ليلة و ضحاها، و تأثر بها ليس لأنه فهم عمقها، و إنما لأنه عشق الرفاهية التي عاينها هناك، فأراد تطبيقها بسرعة ليس لتحرير الإنسان و إنما لأنه يجد فيها تبريرا مبتذلا لممارسة الجنس بحرية و تناول ما يحلو له من المسكرات. فاعتقد بأن هذا التطبيق يسهل فعله كإدخال القضيب في المهبل.
العلمانية بين الغرب و العرب
حين يرد العلماني المتعصب على ما يُعارضه دائما ما يتحدث بصيغة "النحن" العائدة على الإنسان الغربي
استخدمت نحن في كلمة "نستخدم" و هي عائدة علينا كمجتمعات عربيّة، مغالطة مُضحكة.
نه يستعمل تصنيفا رهيبا يعتمد على "أنا دائما مع القوي" ما دامت أوروبا هي الأقوى فانا معها،
من قال ذلك؟ كلما أراه هو نموذج حقق لتلك الدول الرخاء ما الذي يمنعني أن أجرّبه؟ كما تعلّم نحن جرّبنا نماذج مضحكة كالنموذج الإسلامي و ثم ماذا؟ عندما دخل الإنكليز مصر كان لدينا السيوف حيث لم نكن قد سمعنا بالأسلحة وقتها!!! كنّا محرومين من طباعة الكتب لـ 300 سنة بسبب هكذا نوع من الحكم.
عباقرة و فلاسفة لُوحقوا و عُذّبوا في الدول السابقة بسبب اعتقادات شخصيّة!> ثانيا، لا أعلم لماذا العقل العلماني يعتمد على تضاد متطرف، يعتمد على ثنائية الأسود و الأبيض، فإن لم تكن أبيضا فإنك أسود، و إن لم تكن علمانيا فإنك إرهابي داعشي. فإن كان هناك ما يُسمى بالتكفيريين فهناك أيضا ما يسمى بالترهيبيين.
أعطني أيّ شيء فعلته داعش و ساعطيك نصّاً أو قولاً فقهيّاً يدعمه، هؤلاء الذين تنعتهم بالإرهابيين هم انعكاس محمد و علي و عمر و كلّ هؤلاء شذاذ الآفاق هؤلاء.
ثالثا، الرؤية التي تحكم على الحاضر الغربي و تقدمه إنطلاقا من مغالطة جد ساذجة وهي أنهم أصبحوا هكذا لأنهم طبقوا علمانية، فهذا ربط ميكانيكي يُعبر عن مدى بساطة التركيب الذهني للرجل العلماني... فالغرب أصبحوا على ما هو عليه لأنهم تفننوا في الإستغلال و اخترعوا كل الوسائل و الطرق و التقنييات التي تمت بواسطتها السيطرة على موارد العالم,,, أي أنهم تقدموا لأنهم أكثر الكائنات تفننا في الإستغلال و الإستعمار و السرقة، فحتى أمريكا سرقوها و درسوا العالم بأنهم اكتشفوها.
التكنولوجيا الحديثة تشكّل 70% من دخل تلك الدول، أعطني الدولة التي سرقوا منها ذلك؟ العقليّة الدينيّة دائماً تعتقد أنّ هناك مؤامرة ما تحاك أو حيكت ضدها، ما يحصل في دولنا و مجتمعاتنا لن يكون على طاولة أحد إلّا كمادة كوميديّة لبرنامج أسبوعي على HBO، سأصدّقك لو كنت صينيّاً يعتقد أنّ هناك استغلالاً ما يحصل ضده، الصين مارد من الممكن أن تحاك ضده المؤامرات أما الدول العربيّة و دول العالم الثالث بشكل عام؟
رابعا، الحديث عن داعش و أفغانستان بأنهم يُمثلون الدولة الدينية الإسلامية هو تعبير سطحي غبي، فداعش هي جماعة متشددة مثلها مثل KKK و أفغانسان أصبحت هكذا لأنها أُغتصبت من الأمريكيين..
لا تحاول الفصل بين داعش و الإسلام فالنصوص الدينيّة ستكون محرجة بالنسبة لك.
سادسا، التطرف لا يرتبط بالدين فقط، و إنما بالإيديولوجيات فروبيسبير العلماني الليبرالي المتطرف قتل ما لم يقتله لويس السادس عشر... لكن ارتبط الأمر بالدين و خاصة بالإسلام لأن من يستحو على الإعلام يستحوذ على العقول... فإعلام بدون ضمير ينتج مجتمعا من الحمير...
بالطبع كان و سيكون من العلمانيّن من يرتكب الجرائم فهم مجموعة من الأشخاص لديهم تصرّفاتهم التي استطيع ببساطة أن انتقدها و ألومها على عكسك أنت! فمجازر فروبيسبير تستحق أن يُلقى بسببها في مزابل التاريخ بينما العقل الديني لا يستطيع أن يلوم محمداً حتى لو قتل و سبى، هل ترى الفرق؟ العلمانيّة مرنة تستطيع أن تنتقد أيّ مادة أو جزئيّة منها و ربما ستتغير بينما النصوص الدينية هي عبارة عن هراء جامد لا تستطيع تغييره.
نعتك لمحمد و الصحابة بالشواذ هو ضرب من السفه، لم يتحدث المؤرخون الكبار كتوينبي و لوبون و فيشر بهذه الصيغة رغم أنهم درسوهم بطريقة نقدية و موضوعية بينما أنا و أمثالكم من جيش العلمانيين الذين يتحدثون عن فكرة لم يفهموها حتى، لم يقرؤوا التاريخ و إنما يستهلكون ما تتداوله الفيديوهات و تمرره من مغالطات ..
من جهة أخرى، داعش لا علاقة لها بالإسلام، لكن أعتقد أن شخصين يعتقدون ذلك المسلم الجاهل و العلماني العربي المتعصب...
أضف على هذا، أنك تحدثت عن المؤامرة مع أنني لم أذكرها البتة و إنما قلت بأن الربط الميكانيكي بين العلمانية و التقدم هو ربط سطحي مغفل، ثم قدمت طرحا مناقضا و هو أن الغرب لم يتقدم إلا لأنه اخترع وسائل للإستغلال و تفنن فيها بمنطق ميكافيللي العلماني ...
و لكن ما أستغرب منه هو النفاق العلماني، فهو يسب الرمور الإسلامية ثم يطلب من المسلمين أن يتقبلوه، و لكن التاريخ يخبرنا أن العلماني العربي يكره الإسلام، فما فعله بورقيبة في تونس و السيسي في مصر دليل على هذا..
سأناقض " في الأخير" و سأضيف أن رجل الدول المتخلفة سواء في إفريقيا أو آسيا أو امريكا اللاتينية التي تهاجر إلى الشمال لا تفعل ذلك حبا في الغرب أو العلمانية فهو لا يفهمها اصلا و لكنه يهاجر لأن الشماليين يشكلون 20% من سكان الأرض و يستحوذون على 80% من ثروات المعمور، بينما دول العالم التابع يشكلون 80% من سكان العالم و لا يتوفرون سوى على 20% من ثرواتها، فهجرتهم تكون من أجل الحصول حقوقهم المنهوبة من الشمال و الهروب من الظلم الذي يمارسه عملاء الغرب الديكتاتوريون الذين يحافظون على الوضع القائم الذي يوفر للغرب مزيدت من الإستغلال... لهذا نرى المسلم يهاجر إلى هناك محافظا على ثقافته و دينه.
و حتى و لو هاجرت إلى هناك هربا من الإسلام فإن الغربي سيعتبرك ذاك الرجل العربي المهاجر الغريب الأقل شأنا منهم..
إن كنت تكن الكره للإسلام فهذا رأيك و ذوقك و لا يحدد قيمة لفكرة على اخرى و هذا لا يهمني، ما يهمني هي أن أرد على المغالطات التي يمررها العلمانيون المستهلكون للأفكار الغربية ..كائنات الزومبي
التعليقات