البارحة كنت في صالة الحلاقة لفت انتباهي شيخ كبير على الكرسي ينتظر دوره.. تبادلنا أطراف الحديث وصولا إلى مناقشة الطب البديل، كنت أستمع إليه باهتمام حتى وصل إلى موضوع المؤامرة منتقصا من قدر العلماء، بالغ في مدح الطب البديل وأهميته حتى بدأ يقول ما لا يجب قوله، فقاطعته وقلت له بأن علينا احترام هؤلاء العلماء، بل أكثر من ذلك علينا أن نكون ممتنين لهم طوال الوقت عرفانا بما يقدمونه لنا، لولاهم ما كنا ننتظر هنا لنأخذ قصة شعر عصرية دون ألم، ولولا الأسبرين وكل الادوية الموجودة في كلّ بيت لكانت حياتنا أصعب بكثير. الغريب في الأمر أن الحضور هناك طلبوا مني ان أسمع إليه فقط لأنه كبير في العمر وعلي أن أستفيد منه، المهم شرحت بعض النقاط ثم انسحبت، ليعود هذا الشيخ من جديد إلى حكاية أخرى ينتقص فيها من المرأة ويعدها كائنا من الدرجة الثانية (إذا لم تكن من الدرجة المليون)، قال "المرأة دائما تحت الرجل" فلم أستطع التحمل ودخلت النقاش مجددا، بمجرد أن أردت أن أنطق قاطعني الحضور وبدأ كل واحد منهم يقدم حديثا أو أي قول يحاول من خلاله الانتقاص من قيمة المرأة، لا هو يعرف معنى ما يقول ولا لما قيل ما قيل، مثل حديث "المرأة ناقصة عقل ودين"وشهادة المرأتين التي تساوي شهادة رجل واحد، مهما كان الحكم الديني أو اختلفت الأقوال في الموضوع فهل يجب أن تتحدث عن المرأة بأنها كائن أقل منك وتعتبر أن الأصل هو ضربها حين تخطئ! وما كنت لتصل ما أنت عليها لولا المرأة التي تتحدث عنها، بعد جهد كبير استطعت أن أتحدث ورويت لهم حكاية قصيرة جدا، فقلت:
"أجل أحترم الكبير ربما لأنه جرب الكثير وقد يختصر لي الكثير، لكن ربما علينا أن نفكر في أن قدسية الكبير قد تكون بلا معنى تماما، قد نجد شيخا كبيرا في العمر لم يتعلم من حياته شيئا غير إنجاب الأطفال وتوفير لقمة عيشه، في حين أننا قد نجد شخصا في مقتبل العمر قرأ كثيرا، او ربما كان متطلعا للحياة وتعامل معها بشكل ذكي جعله يكتسب الكثير من التجارب، وكدليل على ذلك منذ فترة سمعت شيخا يقول لصديقه -المرا حاشاك- (كلمة حشاك يقصد بها في الجزائر -أكرمك الله- تقال عند الترفع عن شيء)، ماذا يمكننا أن نقول عن هاذا الكبير الذي لا يحترم نفسه؟ كيف يجب أن نسمع كل ما يقوله ونعتبره صحيحا في حين أنه مجرد هراء؟!
من الواضح أن المجتمعات العربية تعاني من موروث ثقافي واجتماعي سيء للغاية يجعلنا لا نستطيع التقدم إلى المستقبل بنصف خطوة..
إذا كنا نعتقد بأن احترام الكبير يعني اتباع كل آرائه وتصديقها فسنبقى مجرد تبع ثابتين في أماكنهم.. لا نترحك أبدا! وهؤلاء الكبار هم من يربون جيلا يقدس الخرافات ويقتل لديهم المنطق وحب المعرفة.
ختاما: "لا تربوا أبناءكم كما رباكم آباؤكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم" - علي ابن أبي طالب.
" قيمة الإنسان ما يحسنه ** أكثر الإنسان منه أو أقلْ" - إبن الوردي.
ما رأيك أنت، هل يجب أن نسمع كبار السن؟ ألا تعتقد أن الكثيرين منهم عايشوا جيلا آخر وأن حياتهم كانت مختلفة كثيرا عن حياتنا ليستطيعوا تقديم نصائح جيدة؟ هل تعتقد أن عليك التزام الصمت وعدم الاعتراض فقط لأن الذي أمامك شيخ؟ ما الشيء الذي يستحق كل تلك القداسة في شخص عاش طويلا؟
شاركنا النقاش بأي عادة سيئة في مجتمعك تعتقد أنها مزعجة وهدامة...
التعليقات