ربما اصدق ما سمعته عن الثقافة التركية هو قول @EmadAboulFotoh عن تركيا: منطقة buffer zone فيها من العادات الشرقية والغريبة... في خليط غريب ايضاً
تركيا هي دولة اسيوية، تقع "غالبيتها" في اسيا، عدا ذاك الجزء الصغير الذي يقع في اوروبا، اسطنبول الغربية.
حسناً، لا داعي للجغرافيا كثيراً هنا، بامكان من يريد معرفة المزيد عن المناخ والتربة قراءة الصفحة الخاصة بتركيا على وكبيديا.
الثقافة التركية هي ما اردت الحديث عنه، كونها جذبت انتباهي على مدى عشرة اشهر عشتها هنا، والتي جعلتني محتاراً تارة، متعجباً تارة، ومذهولاً تارة أخرى.
هذه عينات، عشوائية، من الثقافة التركية، من نظرة انسان عربي، نظرة سأحاول ان اجعلها محايدة وخالية من المشاعر قدر الامكان، واحكم انت عليها.
- الجميع يعملون في تركيا، العمل هو الشيء المقدس الوحيد هنا الذي يتفق عليه كافة افراد الشعب، من اليمين المتطرف الى اليسار المترطف، الجميع مؤمنون ان العمل واعمار الوطن هو السر المقدس الذي ارسلهم به الله الى الارض.
تعلمت هذا من خلال عملي كصبي الشاي، الجميع يعملون، الجميع دون استثناء، ومهما كان الراتب قليلاً فهم يعملون باخلاص، هذا ما رأيته في مكانين مختلفين، الاول المكتب الهندسي الذي عملت فيه وكان الجميع يعملون طبقا للقوانين الصارمة، ويعطون كل دقيقة من العمل حقها، والمكان الثاني كان مطعم المعجنات الذي كان اجر العاملين الاتراك فيه ظالم "فما بالك بالسوريين" ومع ذلك الجميع كانوا يعملون بضمير منقطع النظير، لاسباب لم افهمها
- النساء يعملون كما الرجال، بل وبظروف اقسى احياناً، النساء التركيات قويات في الكثير من النواحي، في العمل، في الحياة اليومية، في التعاملات المالية، المرأة التركية "دون مبالغة" اقوى من الرجل التركي في كل مجالات الحياة، ان تتقاتل مع رجل تركي امر مدمر، اما مع امرأة تركية فهي ستمسحك عن وجه الارض.
في هذا قصة طريفة حقاً، في احد المرات التي سافرت فيها الى اسطنبول كانت احدى النساء تحاول ايقاف تاكسي، ولكن سائق التاكسي طلب منها اجرة زائدة عن المحدد، فقامت بتوبيخه في الشارع، الصراخ في وجهه، ومن ثم طلب الشرطة، والكل ينظر باستغراب، الرجل "تعيس الحظ" وقف مشدوها وكان قطارا ارتطم به.
- الشعب التركي اقتصادي جداً، ومبذر جداً، ويحب المال
قد تجد تركياً يشتري نوع الماء الرخيص، الطعام الرخيص، ويوفر الكثير من القروش لينفقها كلها في نهاية الشهر على شاشة LCD بحجم الحائط، الامر اعتيادي تماماً هنا، قد تجد شخصا اخر عليه حوالي ال50 الفاً من الديون، ويعيش حياة طبيعية تماماً، وقد تجد شخصاً اخر يبحث عن القروش في محفظته ليعطيها الى الفقراء، وهو مليونير او شبه مليونير، امر طبيعي تماماً... مقياس البخل والكرم ليس موجوداً على الاطلاق، على الرغم من ان جميع افراد الشعب مهتمون بالصدقات والزكاة الا انهم لا يعطون المال خارج هاتين الفئتين اطلاقاً
- الصداقة بين الذكر والانثى اكثر من عادية، سواء كانت الفتاة من اسرة محافظة جداً، وترتدي الحجاب المثالي، او سواء كانت لا ترتدي شيئا "حرفياً" الفتاة التركية معتادة على امر مخالطة الرجال، سواء كزملاء عمل، اصدقاء، او ببساطة "عشقاء"... العيش المشترك ايضا امر منتشر بين الشباب والبنات خصوصا في الجامعة، ان تجد شابا وفتاة تركيين لا يعلمان بعضهما مطلقاً يعيشان في منزل واحد، هذا امر طبيعي تماماً.
المضحك في الامر ان الاتراك من الممكن ان ينزعجوا من شاب وفتاة يمشيان في الطريق بطريقة غير مهذبة، ولكن لا تزعجهم هذه التصرفات
- الفتاة التركية المحجبة، على عكس ما يعتقد الجميع، تعلم دينها جيداً، مقتنعة بالحجاب تماماً، ولا تتعرض لاي ضغط من اي نوع لوضع الحجاب او نزعه، القرويات واهل الريف تضعن الحجاب المثالي "من وجهة نظري" وتلتزم اللبس المحتشم، وتعلم من الدين المتعلق بالحياة الكثير، وتتعلم اللغة العربية والقرآن "كالشاب تماماً" واضافة لكل هذا، لديها القوة والعزيمة الكافية لجعلها تلتزم الدين حتى في اكثر المجتمعات تفتحاً
اضافة للمعلومة السابقة، الفتاة التركية المحجبة ايضا قد تمتنع عن "الحب خارج اطار الزواج" وقد لا تمتنع، ولكن موضوع الصداقة والزمالة امر عادي حتى بالنسبة لهؤلاء
- الشاب التركي مغلوب على امره، او كما نسميه حاليا "انا واصدقائي" الشاب المثالي للفتاة المثالية" الشاب التركي يهتم بمظهره الخارجي، كما يهتم بزوجته "صديقته، عشيقته، ايا يكن" بشكل مثالي زائد عن اللزوم، ربما هو السبب الذي يجعل اكثر حالات الانفصال ناتجة عن خيانة الشاب "لانه يتصرف بحنية مع الجميع"
هذه الحنية تختفي وتمحى في اول "خناقة" الجميع يعرفون شراسة الاتراك، القتال يبدأ دائما ب "مناطحة" وهجوم بالرأس، وقد يتعرض الشاب لطعنة وهو لا يزال "ينطح"... الشراسة في الشاب التركي مشهورة على ما اعتقد، ولا يختلف عليها اثنان
مع ذلك هو مظلوم امام شراسة الفتاة التركية
- تركيا ربما هي البلد الذي يحتوي اكبر عدد من المساجد في العالم، صلاة الجمعة ايضا مقدسة لكل الشعب، الحج والعمرة كذلك الامر، مهما كان التركي متفتحا "ومتحررا" وعاصياً، ستجده خاشعا في هذه المواقف الثلاثة. اضف لذلك انه مهما كان متحررا وعاصيا فهو يعلم تماما الذنوب التي يقترفها
اعرف شخصا تركيا حرفيا كل ثلاث ساعات يقضيها مع فتاة مختلفة، اعني هذا حرفياً، ولكن عندما دار بيننا حديث عن الدين قال انه يعلم ان ما يفعله حرام، ولكنه ابتلاء من الله، ويحاول الاقلاع عنه ولكن لا يستطيع، ويتمنى لو يستطيع الحج عله يبتعد عن هذه الامور... بصراحة هذا الموقف اكثر شيء صدمني طوال فترة جلوسي هنا
- الدولة التركية تعتمد نظام "افعل ما تشاء ولا تخالف القانون" اردت الصلاة، صلي، اردت السكر، اسكر، اردت الزنى، ازني، ولكن لا تخالف القانون، لا تؤذي احدا، وابتعد عن طريق الدولة فقط. ادفع ضرائبك وكل شيء على ما يرام... هذا القانون يعمل بشكل مثثالي في تركيا، الشعب في طبعه "لا يكترث" بمن حوله، قد تعيش لسنوات بجانب جارك دون ان تتعرف عليه، هكذا بهذه البساطة، طالما انه لا يخالف القانون لا مانع من شيء
القانون شيء مقدس، لا يحق لاحد كسره، ولا لاي حال من الاحوال، ولكن الاتراك وخصوصا موظفي الدولة ان ارادوا مساعدتك فلهم طرقهم المتلوية "ضمن القانون" لفعل ذلك، وهو ما حصل معي شخصيا في اكثر من موقف
اعتقد انني كتبت الكثير، وهذا جزء فقط، بامكاني الحديث باستمرار عن القافة التركية لساعات، ولكن هذه النقاط الاكثر غرابة بالنسبة لي.
هل تعيش في تركيا؟ ما اكثر شيء اثار استغرابك هنا؟ وما رايك بالثقافة التركية؟
التعليقات