حدثت عدة مواقف جعلتني أفكر لماذا لا يتصل الناس بالشرطة؟ ولماذا لا يكون هذا أول ما يخطر ببالهم فعله من الأساس؟ فمثلًا كنت أشتكي في مرة من صوت عالٍ لجار وشجاره مع أهل بيته الذي يجعل صوته العالي يصل لنا صراخه فقال لي أحد أقاربي أنه حر بمنزله! لكنني أعلم تمام العلم أن حدود حريته تتوقف عند حدود حرية الآخرين، كما أعلم أيضًا أن هذا لو حدث ببلد أجنبي لتم إبلاغ الشرطة عنه خلال دقائق من جيرانه، كذلك عندما تحدث مشاجرة بمكان ما قد يتدخل الناس أو المارة لفض الشجار حتى لو تطور الأمر لقتال بالأسلحة بدلًا من الاتصال بالشرطة قبل أي شيء!
لماذا الأجانب أكثر لجوءًا للقانون في المشاكل من العرب؟
الدول العربية هي بالغالب مسلمة، والمجتمعات المتدينة عموما قانونها ذاتي، أي أن كل شخص حسيب نفسه، كمسلمين لدينا معاني كثيرة، كف الأذى، المسامحة، احتساب الأجر من الله، الخوف من ظلم الطرف الآخر، افتراض حسن النية وأن ما حدث قد يكون بغير قصد، ناهيك عن كوننا مجتمعات عشائرية وليست فردية، بالتالي معاني مثل (العيب، والجيرة، والجماعة) وغيرها من المعاني الكثيرة التي أي معنى منها كفيل بأن لا يجعلك تصعّد الأمور.
المجتمع الغربي على النقيض تماما، هو في البداية، حوّل المجتمع إلى مجتمع فردي بامتياز، كل شخص يعيش لحاله، ثم مجتمع مادي، الدين لا وجود له، هنا كان لابد من وجود قانون يحمي ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس.
الموضوع ليس "ثقافة" مثل ما ذكر البعض أو عادات او استغلال للقانون او غيره. لا، الموضوع اجتماعي بحت حدث بسبب كل هذ الإرث من اللعب في إعدادات المجتمع ليشبه غابة مادية لا تتحرك إلا بنص وبند في قانون وضعي ما.
التعليقات