اتصلت مؤخرا بصديق يعمل كممرض في السلك العسكري، لأسأله عن رأيه في هذا المسار لشاب متخرج حديثا، فجاءتني إجابة صادمة. قال لي بمرارة: "لو يعطوني نصف راتبي في وظيفة مدنية، لتركتها فورا". لكن الأثر الأعمق لم يكن في العمل نفسه ولم يتوقف هنا، بل في حياته.
حكى لي كيف أصبح يشعر كأنه ضيف غريب في بيت أهله. نمط حياته تغير تماما، والأسوأ أنه صار يحسب ألف حساب لكل كلمة يقولها أمامهم، خوفا من أن يفهموه بشكل خاطئ بعد أن أصبح بعيدا عنهم، وقال لي حرفيا ( نجي كالضيف فقط ونروح).
لقد اشترى الأمان المادي، لكنه دفع ثمنا باهظا من راحته النفسية وشعوره بالانتماء حتى لعائلته، ناهيك عن بقية علاقاته. فبرأيكم إلى أي حد يستحق الأمان الوظيفي وراتبه الجيد كل هذه التضحيات، كالبعد عن الأهل وتحمل التكلفة النفسية الهائلة التي ترافقه؟
التعليقات