عندما نجلس إلى غرباء لنتحدث معهم أول مرة، غالباً ما يكون أول سؤال يسألونا إياه هو: ماذا نعمل وما هي وظيفتنا؟

بشكل غير مباشر تتحدد طبيعة العلاقة ومجرياتها المستقبلية على إجابة هذا السؤال، فلا يمكننا إنكار أننا نحيا بمجتمع يقيس قيمة الفرد بما يعمل في حياته.

قد يكون مؤلماً أن نقرر أن مجتمعنا هو في الحقيقة مجتمع مادي ونفعي في أغلب حساباته، رغم ذلك لا نستطيع إنكار أن العمل يختصر ملامح الهوية الاجتماعية؛ فما يعمله الفرد (محاسب، مهندس، طبيب) يحمِل في طياته تصورًا اجتماعيًا معينًا عن الشخص، كما يحدد مكانته الاجتماعية.

وإن لم تُقال مباشرة، فإن نوع الوظيفة يعطي مؤشرًا عن الوضع المادي، كما يعطي مؤشراً عن التفوق والرقي العقلي بنظر الآخرين، تلك عوامل يقوم أغلب أفراد المجتمع بناءاً عليها بإصدار أحكام غير معلنة عن مكانة الشخص الذي يحادثونه، ويحددون مستقبل علاقتهم معه بناءاً عليها.

ورغم أن العمل غالبًا ما يكون مدخلًا لفهم شخصية الإنسان بسرعة، لكن في المقابل لا تجد أسئلة داخل إطار التعارف تدل إجابتها عن: نمط تفكير الشخص، أو خبراته وصفاته الإنسانية، أو تجاربه وإسهاماته التي قد تكشف عن طبيعته وقيمه.

لذا لو أزلنا الوظيفة من المعادلة، على أي أساس يراك المجتمع؟