بعضٌ من المجتمع؟ بل قولي أغلب المجتمع يرجم المطلقة بنظراتٍ سلبية تتدرج من الشفقة و الاستصغار إلى الريبة و ظن السوء و الشك، رغم أن العلل في كل طلاقٍ حاصل لا حصر لها، و منها المعلوم و المشهود، و أخرى من لا يعلمها سوى حيطان البيوت، و قد يحمل الزوج مسؤولية بعضها، و تحمل الزوجة بعضها الٱخر، و بعضٌ منها من كان خارجاً عن إرادة الزوجين سواء، و إنما هي إرادة المكتوب و القدر في فصل هذا الارتباط البشري، إلا أن الناس و المجتمع رغم تهذيب الأنبياء و العلماء لهم قد جبلوا على القيل و القال و ما من أمرٍ يشنف ٱذانهم و يأسر ألبابهم مثل الفضيحة، فهم حين يخبرون بأن فلانة من الناس قد تطلقت من زوجها، لا يقفون عند هذا الخبر و حسب، و يردون الأسباب إلى علم الله، بل إن عقولهم تتوجه بحماس إلى الفضيحة المفترضة المكنونة، و حتى إن كانت أسباب الطلاقة معلنة، فهذا لا يرضيهم، فابريق الشاي الممتلئ و الليل الطويل و الفراغ المميت في أمسيات الغيبة المأفونة تحيل مثل هذه الأحداث إلى مادة دسمة للتحليلات و الدراسات و التكهنات عن السبب المجهول خلف هذا الطلاق، فهذا حال أغلب البشر إلا من رحم ربي، و لا حول و لا قوة إلا بالله، و لا تقتصر هذه الظاهرة على مجتمعنا العربي و الإسلامي و حسب، بل قد تجدها في عموم المجتمعات، قد تختلف بالهيئة و التواتر إلا أنها موجودة عند الجميع، فهي كما أسلفت طبع من طباع عموم البشر، فكلام الناس لا يرحم، و كلام الناس هذا كان فيما مضى يبعث الرعب و الجلل في قلوب النساء و الرجال، و قد يدفعهم للقتل و الهجرة و حرمان أنفسهم مما أحل الله لهم، و كان قوةً رادعة تجعل المرأة تتجرع الأمرين في زواجها التعس عن أن تفكر بالطلاق ولو تفكيراً عابراً، و هذا برأي من أحد الأسباب في تزايد حالات الطلاق في وقتنا الحاضر عما كان هو عليه في الماضي، و رغم ذلك فالأثر ما زال موجوداً و كلام الناس في المجالس أصبحنا نشاهده في الشاشات و شبكات التواصل و مجموعات الوتس اب، و ليس بيدنا أن نوقفه، إلا أنه بوسعنا أن نعي بأن قراراتنا لا ينبغي أبداً أن تتأثر بكلام الناس، رغم مثالية هذا المبدأ و صعوبة تطبيقه على الواقع، إلا أنه يجب أن يكون المسار الذي نتخذه عند اتخاذ أي قرار مصيري كالقران و الطلاق،و هذا أيضاً ما يدقعني إلى اعتبار بعض المطلقات كنساء بلغن من الشجاعة و العزيمة مبلغاً محموداً في رسم حدٍّ لعلاقة ٱسنة مسمومة، فهي بتلك الخطوة الجريئة قد نجحت بتحمل مسؤولية حياتها بل و قد يحمي هذا الضرر الظاهري- أي الطلاق- من ضرر أعظم على أولادها و مستقبلهم، فلتنم قريرة العين تلك الحكيمة و لا ترفع كلام الناس إلى أعلى من وطأة حذاءها، ففي النهاية الخير كل الخير فيما اختاره الله.
التعليقات