الاعتراض على أمور غير عادلة هو ( حق انساني مشروع ) .. و تغييب و تعتيم و مصادرة و إدانة ممارسة هذا الحق و عدم تبليغه و تعليمه و تقنينه و السماح به .. كلها تعديات على حق شرعي من حقوق الانسان .. لا يجوز أن نطلب من شخص أن يصمت عن الكلام و التعبير عن ما لا يرضيه و لا يعجبه .. فمشاعره و أفكاره ( حتى و إن كانت قاصرة ) من حقه أن يعبر عنها دون التعرض لسخرية مذمومة أو إدانة خارجية غير مرغوبة .. الحل هو ( إصلاح مشاعره و أفكاره ) أو توجيهه إلى مصادر صحيحة تعالج مشكلته .. لا أحد منا يرغب في ( الشعور بالنقص في جزئية ما ) على الرغم بأن النقص موجود و لكن لا نرغب في السخرية منه .. نرغب و نحترم من يعطينا ( الحل ) مدفوعا أو مجانا .. المهم هو أن ( الحل ) متوفر .. لا نتقبل ( السخرية ) لأنها ليست حلا .. بل هي تعزز ( الشعور بالنقص و عدم الاكتمال ) .. نتقبل و نرحب بالحلول و الأفعال و المواقف العادلة .. و نرفض إساءات الفهم و سوء الظن و الكذب و التناقضات و استغلال السرية و اللعب من وراء الظهر .. لأن ما يحصل في الظلام مقدر له أن يظهر للنور .. لذلك يجب الحرص على عدم الاضرار بالنفسيات الطفولية .. حتى يكون الاحترام و التعاون متبادل و التواصل فعال .
هل تشعر أنك تمتلك خيار عدم التصديق ؟
أنا وأنت، ونحن جميعًا نعلم أن الواقع لا يشبه هذه الحالة المثالية التي تتحدث عنها، فهناك حد معين عليك أن تتوقف عنده كي لا تذهب وراء الشمس في البلد الذي تنتمي إليه، وسواء أكنت راض أو غير راض عن هذا الحكم الموجود في واقعك عليك أن تتوقف.
لذلك خلق الله نوعين من الناس في الحياة :
نوع واقعي يرى الواقع و يذوب فيه بخيره و شره و هم العاجزون عن التفريق بين الأمور الجيدة و فصلها عن المساوئ .. لا يستطيعون التفريق جيدا بين الخير و الشر .. و لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة فقط .. لو أنهم ولدوا و شاهدوا الناس تبيع بعضها بعضا كعبيد فإنهم سيندمجون مع الواقع دون أن يرتبكوا و يكون لهم استنكار لهذا الفعل ..
و نوع آخر مثالي يرى الواقع لكنه يحب الأمور الجيدة فقط و تؤلمه الأشياء السيئة و يرفضها لذلك يسعى إلى التغيير و إلى تحسين الواقع بشكل فيه مصلحة عامة فضلى للجميع .. لأنه يعلم أن مصلحة الجميع تعود عليه بفائدة و أجر حتى لو لم يتقاضى على ذلك أجرا .. لأنه مفطور على حب الخير و أجره يأتيه من الله ..
إلا أن الخير والشر لم يتم تقسيمه بهذه الطريقة المطلقة في الشرع والدين، وحتى الناس فلم يتم تصنيفهم بهذه الطريقة المحضة التي قمت بذكرها، وفي الموضوع المخصص الذي تقصده من هذا الطرح، حري بك أن تصلح نفسك وعائلتك، وأن تنشر الخير بلطف وسلاسة، وأن ينتقل الخير من شخص لآخر مع الأيام حتى يعم، أما فكرة الاحتجاج الذي قد ينتهي بخريف مدمر في البلد الذي تعيش فيه بحجة نشر الخير وقمع الشر فليست دائمًا هي الطريقة المثلى، والأمور لا تؤخذ بهذا التعميم دائمًا.
الله أعلم بأحوال خلقه ، لكن ما طرحته بشأن الصنفين هو مذكور في القرآن الكريم في عدة مواضع و آيات و قد ذكر الله أن هناك صنفين من الناس في الحياة : صنف يتبع ما تمليه عليه أهوائه و شياطينه و هم أصحاب السعير .. و صنف يتبعون و يبحثون عن الحق لكي تكون أعمالهم و أقوالهم طيبة نافعة يحبها الله و يحبها الرسول و الملائكة المرسلون .. و هو كل عمل و قول جميل يقرب من الجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين المخلصين ..
مرة أخرى الله صنفهم وفق لتفاصيل غير التي تشير إليه ضمنًا في حديثك، ليس لنا أن نصنف الناس بناء على فكرة نؤمن بها نحن، وإن خالفونا فهم من أصحاب السعير، ليست هكذا تقام الدنيا ولا هكذا يتم إسقاط الدين على تفاصيلها.
أنا لا أهدف للتصنيف و التمييز بين الناس لأنه ليس من اختصاصي بل اختصاص الخالق .. و لكنني أطرح ما فهمته و ما لاحظته من واقع خبرتي في معرفة الناس .. من طبعي التريث و الصبر و عدم التسرع و كلامي هذا مطروح بشكل عام و ليس قرآنا و لكنه مقتبس من القرآن و الدين .. و من الملاحظة المباشرة للناس في الواقع .. لاحظت أن هناك من يفضلون الاعتزال و الابتعاد عن الواقع و العيش وفقا لأحلامهم و نظرياتهم .. و هناك من لا يبالون بأخلاق المجتمع شعارهم : ( أفعل مثلما يفعل الناس فإذا أحسنوا أحسنت و إذا أساؤوا أسأت ) و لو سألت شخصا منهم ( لماذا تكذب ؟ ) سيقول لك : الجميع يكذبون ، و هنا تعرف أنه ( شخص إمعة ) لا يفرق بين خير و باطل .. و إنما هو تابع و منقاد ، و المشكل أنه لا يحسن اختيار قدوته و مرشده و معلمه ، إنه يتبع ( المنظور العام ) ، رغم أن رأي الأغلبية لا يعني الصحة على الدوام .. قد يكون ( الحق ) مع شخص واحد .. و ( الباطل ) مع مجموعة أشخاص ... فالمعيار ليس بالأكثرية بل الحقيقة تعرف بمعايير كثيرة و الشعبية جزء بسيط منها ..
التعليقات