بعد الموجة التحفيزية التي اشعلها غاري فـــــــــــي في وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الخمس الأخيرة، يظهر علينا في الفترة الأخير شخص أكثر مبالغة من كل المحفزين السابقين، اندرو تريت الذي سيحول وسائل التواصل الى مصنع لخلق الشغف المعلب كالعادة، بأبسط الكلمات وترند نضارة بشعة، ليكمل سلسة " إبحث عن شغفك" واعمل عليه بجد حتى آخر رمق ممكن ...
يمكن الملاحظة بسهولة الآن أن مشاكلنا مع العمل تضل قائمة إن أحببناه أم لم نحبه؟ فمشاعرنا تجاه العمل سواء كانت إيجابية أم سلبية يمكن توجيهها نحو معنى ما، وهذا امر لا يتحدث عنه أحد على الإطلاق، فالجميع يحاول أن يرسم لنا الشغف كسحر او بوابة للجنة، وعلى العكس من ذلك انعدام الشغف كبوابة لجهنم، وهذا غير واقعي إطلاقا... فقياس ضرر أو نفع العمل وحتى انتاجيته لا يكون بمقياس الشغف إنما بحجم العمل ونتائجه، الأغرب من هذا كله أن الكل خصوصا بعد موجة اندروتيت وبعض رواد الاعمال، أصبح يروج لفكرة العمل بشكل قهري، وتم إحياء فكرة الاقطاعية الاقتصادية بشكل ضمني، التي تتأسس على مفهوم الموت من اجل العمل أو إعلاء قدر العمل بشكل مبالغ فيه.
تقول احصائيات منظمة الصحة العالمية أن أزيد من 750 ألف شخص يموتون سنويا بسبب الإرهاق في العمل ، المثير للملاحظة بالنسبة لي هو أـن هذه الحصيلة لم تفرق بين العامل الشغوف وغير الشغوف بعمله، بل الأكثر كارثية من هذا أن العمال الأكثر اهتماما بعملهم هم المعرضين لحالات السكتات القلبية أكثر من غيرهم المستهترين بقيمة العمل، ولنزيد الشعر بيتا ، وُجد أن نسبة أكثر من 79 بالمئة من الموظفين يعانون مما يسمى بالاحتراق الوظيفي ، الذي ترجع إحدى أهم أسبابه إلى الإجهاد من العمل لساعات طويلة جدا، وبمجهود عال، والمعلومة الأهم والفاصلة على الإطلاق أن نسبة 50 بالمئة فقط من هؤلاء العمال هم المعرضون للبحث عن وظيفة أخرى، ما يعني أن نصف العدد راضون بعملهم ، ونسبة ولو ضئيلة منهم لذيها شغف كبير لعملها، مع ذلك تتعرض للاحتراق .
واحدة من أسباب الطلاق الحديثة هي انخفاض الرضى الزوجي نتيجة تغليب أحد الطرفين اهتمامه بالعمل أكثر واهمال العائلة، وكلنا نعرف أمثلة كثيرة عن من ضحوا بحياتهم الخاصة وصحتهم من أجل العمل. .
الان في رأيك ، هل الشغف يحمي فعلا من مآسي العمل؟ ماهي العلامات الحمراء التي يعرف بها الإنسان أنه أعطى العمل أكثر مما يجب؟ ثم ما رأيك في خطابات اندروتيت ؟ هل لذيك محفز اخر تفضله؟
التعليقات