هناك هالة ليست سحرية -بعكس ما هو معتاد أن نقول- حول مهمة ربة المنزل، فهي وصف نطلقه أو نسمعه لمن لا يعملن أصلًا ويقضين الوقت في البيت، وهو كذلك وصف يُقارِنُ تلقائيًا هذه المهمة -داخل الشعور العامي للناس- بالوظائف التي تعمل بها نساءٌ أخريات، كالطب والهندسة والترجمة والتدريس. السؤال لماذا نفهم ربة المنزل على كونها عبء على الأسرة أو الاقتصاد؟ وكيف جاءت هذه الرؤية أصلًا ومن أين منبعها؟ والأهم من ذلك كله.. هل هناك غاية من جعل جميع البشر يعملون بدرجة كبيرة من الضغط على الذات والشعور بالرغبة بالاستحقاق "Entitlement Sense of "؟.
كلنا يشعر بضغطٍ شديد يمارسُ عليه ليشارك في السباق الماراثوني الجماعي، ابتداءً من تعظيم المال وانتهاءً بتعظيم المكانة. وهذا الشعور كان سببه الأول هو النزعة الليبرالية الجديدة Neoliberalism التي تحوم في كل أرضٍ وبيت، وساعدتها في ذلك النزعة التقنية ومنتجاتها من منصات التواصل الاجتماعي للوصول حتى إلى أفقر وأبعد الأحياء وفي أي بلدٍ في العالم.
هاتان النزعتان تعززان الفردانية والشعور/الاهتمام بالأنا بعدما كان الشعور يدور حول (نحن)، وصار سؤال الإنسان الدائم أين أنا من معضلة الوجود؟ وترك سؤال أين نحن من هذا كُله! والمرأة بطبيعة الحال –كونها إنسان تخيل- تأثرت بهذه النزعة ومارست على نفسها أكثر سبل جلد الذات الداخلي الدفين وبحثت عن نفسها في كومةٍ محطمة أصلًا بفعل الظلم الذي مُرس عليها منذ سالف الأزمان وهذا ما زاد الطين بلة ولم يحسن الأمر كما هو متأمل.
حسنًا! لِماذا تشعر الكثير من النساء بضآلة ما تقدمه داخل الأسرة، ولِماذا لا زلنا نحتفظ بتلك المكانة العظيمة للأمهاتنا؟ ولا تستشعر الزوجة أو الزوج هذه القيمة خلال تجربتها كأم وتجربته مع زوجته كأم لأبنائه؟ هذا سؤال مبني على الاستغراب لا التساؤل! بيد أن نقطة الإدراك الواحدة اتجاه قيمة ما يفعله الإنسان داخل الأسرة يكفي وزيادة حتى ينحي عنه كل التأثيرات الأخرى التي تحاول تعظيم الشعور بالضآلة، بما فيها وهم تحقيق الذات، والرغبة في المكانة، والنظرة العامة الشخصية للعالم الذي نعيش فيه.
وهذا متصل بشكل أساسي -حسب قول الصديق محمود أبو عادي- بالإجابة عن سؤال "من هو البطل حقًا؟" أي إعادة النظر في مفهوم البطولة لعالم يعيش في زمن ما بعد البطولة post-heroic world. هل البطل هو الشخص الذي يسعى لتعظيم أكبر فائدة وتحقيق أقل خسارة، هل البطل هو من يسعى إلى تمكين ذاته من نيل أقوى الشهادات والمشاركة في كافة الفعاليات والندوات المتاحة، هل البطل من يستطيع أن يصل إلى مكانةٍ يشير إليه الناس من خلالها بالبنان ويختتم طريق الشهرة، من هو البطل؟ أم البطل هو من يكون خيره مبتدأ في داره ويتصل إلى جاره وينتهي عند مسعاه؟
وأنت كيف ترى مهمة ربة المنزل؟
التعليقات