يحاول الإنسان هذا الكائن الاجتماعي العقلاني دائمًا أن ينتمي. إلى عائلة إلى جماعة من الأصدقاء أو أصحاب فكرة معينة إلخ 

 وفي رحلتنا الباحثة عن الانتماء قد نقع أحيانًا في حركات جماهيرية كبرى. هذه الحركات قد تكون اجتماعية أو سياسية أو دينية أو أي شيء أخر. ولكنها تجذب الإنسان وتجعله جزءًا منها. وقد يجعل هذا مصير حياته يتغير إلى الأبد فقد يصبح ناشطًا أو ثوريًا أو ربما في بعض الأحيان شديدة التعصب إرهابيًا أيضًا. 

 عند البحث عن أسباب انتماء الإنسان لمثل هذه الجماعات وجدت ضالتي في كتاب المؤمن الصادق حيث يتحدث الفيلسوف والكاتب إريك هوفر عن جاذبية الحركات الجماهيرية ولماذا يحتشد الناس لها ويجعلونها تسبقهم بخطوة. 

هذه الحركات بشكل عام يكون هدفها هو خلق واقع جديد كليًّا وليس تغيير بعض أجزائه أو تحسينها، لذلك نجدهم يتجهون إلى تدمير الحاضر وكل ما يرتبط به ومحاولة خلقه من جديد رغبة في تحقيق آمال كبيرة فيه متجاهلين العواقب التي تصاحب تلك الفوضى دائمًا.

وهذه الرغبة في خلق الواقع الجديد نابعة من كون الواقع الحالي يكون في العادة قميئًا ويحتاج لإيجاد بدائل فتقدم تلك الحركات باختلاف أنواعها وتوجهاتها نفسها كتلك البدائل التي ستجعل من العالم جنة ولكنها في العادة تفعل العكس!

ويخبرنا الكاتب أيضًا ولو بشكل غير مباشر خطورة الحركات الجماهيرية علينا حيث أن الفكرة التي تعتبر نفسها أهم من حياتك هي فكرة ليس عليك أن تعطيها تلك الحياة لأنك ستخسر نفسك في سبيلها وقد لا تحصل على شيء ولأنه من السهل جدًا استغلال البشر وتحويلهم إلى قطيع تابع. 

والنقطة الأهم هي أن تلك الحركات الشهيرة لا تؤثر في أفرادها فقط بل تجعل لأصحابها مسؤولية نحو الآخرين وتشعرهم أن من واجبها تحريرهم من المعاناة وتغييرهم نحو ما يظنون أنه الأفضل ومن تحت هذه القبعة خرجت العديد من الحركات التي غيرت العالم للأفضل ولكن خرج الأكثر مغيرين العالم للأسوأ ودافعين به نحو الهاوية عدة مرات.

 لذلك أتساءل لماذا ينجذب البشر للحركات الجماهيرية الكبرى؟ وهل مبرر لها أنها أنشأت التاريخ والثورات في حين أنها دمرت العالم مرات عديدة كذلك؟