"اللي ضربك اضربه..."

بهذه العابرة غالبًا ما يحث الآباء أطفالهم على الدفاع عن أنفسهم عند تعرّضهم للضرب من طفلٍ آخر.

هذه السياسة التربوية كانت ولا زالت جدلًا تربويًا يطرحه الآباء ويختلفون فيها عندما يتعلّق الأمر بتعليم الطفل كيفية استرداد حقوقه والدفاع عنها.

وعلى الرغم من أن الطفل يأخذ حقّه عند ضرب من ضربه، لكن هل فعلًا تنمّي هذه السياسة جانب دفاع الطفل عن نفسه؟ وماذا سيحدث في المدرسة مثلًا إن أصبح كل طفل يقوم بضرب الآخر لأخذ حقّه؟ ذلك يضعنا بالتأكيد في معضلة جديدة!

في البداية، علينا أن نُدرك أننا يجب أن لا نمنع أطفالنا من الدفاع عن أنفسهم، لكن في نفس الوقت فإن تكرار عبارة "اضرب من ضربك" باستمرار على مسمعيْه يجعل دماغه مبرمجًا بشكلٍ آلي على الضرب قبل التفكير، ما يجعل ردة فعله خالية من المنطق والعقلانية، الأمر الذي يُؤثّر عليه مستقبلًا.

وإن كان الضرب أحد الحلول المطروحة أمام الطفل ليأخذ حقّه ممّن آذاه أو تعرّض له، لكن يجب أن يكون التفكير سابقًا لردة الفعل البدنية. علينا أن نُعلّم أطفالنا أن يستعملوا أدمغتهم في مثل هذه الظروف، وإلقاء نظرة تحليلية سريعة على الظرف الذي تسبب بالمشكلة مع طفلٍ آخر.

فالطفل عليه أن يُفكّر قبل أي شيءٍ آخر، لماذا ضربك؟ هل سخرتَ منه أو قمت باستفزازه؟ أم هل يسعى لجرّك إلى مشكلة أكبر؟ هل يستحق أن يُضرب أم أنّك أسأت فهمه من البداية؟ ربما السبب المرتبط بأذية الطرف الآخر لك لا يدعو لضربه، بل ربما حواره!

علينا أن نعلّم أطفالنا كيفية الاستفادة من الجزء العلوي من الدماغ، ذلك الجزء الذي ميّزنا الله فيه عن الحيوانات الأخرى، ووظيفته التفكير والتحليل.

فتعويدنا للطفل على أخذ الحقوق باليد باستمرار يجعل منه إنسانًا هجوميًا إن لم يكن بالعضلات فبالألفاظ، ولن يكون للحوار مكانٌ في عقله لحل مشاكله في المستقبل التي ستحتاج إلى الحوار أكثر من فرد العضلات!

لكن عند إلقاء نظرة سريعة على المجتمع، حيث لا صوتَ يعلو فوق صوت الذئاب واللئام، هل تربية أطفالنا على حل مشاكلهم بعقلانية قبل أخذ الحق باليد مُجدٍ في هذا الوقت؟

أم يُوجد حل وسطي يُمكن للطفل أن يتعلّم فيه متى يضرب ومتى يلجأ للحوار؟ شاركنا برأيك..