هل يوجد ديمقراطية حقيقية في العالم؟
لمن يجيبون ب(نعم) : عرّف الديمقراطية من وجهة نظرك
لمن يجيبون ب (لا) : ما السؤال الذي يصيب الديمقراطية في مقتل .. ولا تستطيع الديمقراطية الإجابة عنه؟
شخصياً أعرف الديمقراطية بأنها نظام الحكم الذي يمثل إرادة ومصالح الشعب، لا أنها قدرة الشعب على اختيار ممثليه، لهذا ترى دولاً ككوريا الشمالية تسمي نفسها دولة ديمقراطية رغم علمنا بما عليه حالها، فادعاء كوريا الشمالية أنها دولة ديمقراطية لا يعني أنها تزعم أن شعبها يختار ممثليه بل تزعم أنها تمثل مصالحه وإرادته حتى وإن لم يختر ممثليه.
وحسب هذا التعريف يمكن أن يقال أن الدولة ليست ديمقراطية لاختيار شعبها ممثليه فقط حتى إن ادعى غيرهم ذلك، خصوصاً حين تفكر أن نتائج الانتخابات لا تمثل مصالح الشعب بل تمثل مصالح الناخبين. وحسب هذا التعريف أيضاً يمكن للممالك والرئاسات الثابتة أن تكون -نظرياً- ديمقراطية دون وجود خيار للشعب في تنصيب الرئيس أو السلطة العليا لو كانت تلك الرئاسات تمثل إرادة الشعب.
حقيقة لا أراك تجد في العالم دولة تمثل شعبها 100%، أكيد أنك ستجد معارضين لكثير من سياسات الدولة ديمقراطية كانت أم دكتاتورية، لكن أرى أن الدول التي تسمح لشعبها باختيار الممثلين أقدر بتمثيل الكل لأنها تسمح لأصوات الكل بالوصول، على عكس الأنظمة الديكتاتورية التي تقمع كل مخالف.
لكن هذا لا يعني أن الدول الديمقراطية مزيفة فاختيار الممثل باب كبير لتمثيل مصالح الشعب ولن توجد شخصية تستطيع إرضاء الكل ولو حاولت بكل قوته، كما أن عدم قدرة اختيار السلطة تفتح باباً كبيراً للاستغلال وكما رأينا فالدول التي تسمح لشعبها بالتصويت تكون عادة أرحم بشعبها والدول الدكتاتورية عادة ما تكون مستبدة وظالمة.
لذا جوابي النهائي هو: لا، لكن مجرد هذا لا يعني أن الديمقراطية غير صالحة، ولا أنها كاملة، بل هي خير من الخيارات الأخرى.
1- لا يمكن الحكم على حكم ما بأنه يمثل مصالح الشعب .. لأنه الشعب له القدرة على الاختيار .. لكن ليس له القدرة على جعل الأعضاء المنتخبين يفعلون ما يريده الشعب .. فأنت تختار عند التصويت زيدًا من الناس .. لكن تجد أراء زيد في البرلمان تخالف 50% من آرائك .. فتقول حينئذ: ليتني لم أختر زيدًا، فتضطر للصبر 4 سنوات حتى تختار شخصًا آخر بدل زيد، وربما يكون هذا الشخص الآخر أسوأ من زيد بالنسبة لك.
فيكون حينئذ تعريف الديمقراطية بأنها (قدرة الشعب على اختيار ممثليه) أدق .. لأنه الممثل يشمل الرئيس أيضًا
2- النقاش هنا ينصب حول وجود الديمقراطية كما هي معرفة في الكتب، وكما يعرفها العلماء .. الديمقراطية بتلك التعريفات غير موجودة .. ونحن نحاول أن نوجد لها تعريفًا بديلاً .. سواء اتفقنا أنها هي الأفضل أم ليست الأفضل
3- سؤال خارجي سبق النقاش فيه: هل ترى أن الديمقراطية تراعي الحرية أم تراعي حكم الأغلبية؟ وهل التذبذب بين هذا وهذا أمر ملحوظ في الديمقراطية؟
1- أرى ما تقصد لذا سألتزم بالتعرف المنتشر في النقاش.
2-لم أفهم هذي النقطة، تقصد أن الهدف من منشورك إيجاد تعريف بديل للديمقراطية غير التعريف المنتشر؟ أم تقصد أنه لا فائدة من طرح تعاريف بديلة وعلينا أن نثبت على تعريف الكتب حتى نستمر في النقاش؟
3-الواقع كنت قد حضرت جواباً لسؤالك أردت أن أكتبه لكنك -يا سيدي- طرحت سؤالاً جيداً وذكياً جداً، كلما فكرت فيه أكثر كلما زادت حيرتي أكثر، لذا سأكتب ما وصلت إليه في التفكير:
الديمقراطية في معناها العام تعني حكم الأغلبية، لو أراد الأغلبية قمع الحريات فلهم أن يقمعوها، ولو أرادوا حرية أكثر فلهم ذلك، هذا حسب المبدأ الأصلي للديمقراطية وهو حكم الشعب لنفسه، لكن لو لاحظت جيداً لوجدت أن أغلب الدول الديمقراطية لا تعتبر الدول ذات المحرمات الأكثر دولاً ديمقراطية حقيقية، فألاحظ أن هناك ربطاً بين الديمقراطية وزيادة الحريات، فلو قررت دولة وضع حظر على شيء مسموح عندهم اعتبروه عملاً -غير ديمقراطي-. والسبب في ذلك أن الدول الديمقراطية الغربية -وهي دول واجهة الديمقراطية والذين عندهم سيطرة كبيرة على الإعلام حول العالم- تعتبر زيادة الحريات هدفاً أساسياً للديمقراطية.
في علم الإجتماع، غالباً تحاول الأمم الضعيفة تقليد الأمم القوية، عادة بأشياء سطحية كالملابس وطريقة الكلام واللغة، لإعطائهم شعوراً مرضياً في قراراتهم بأنهم أقوياء، لذا ترى الدول الأضعف كدولنا ودول آسيا وغيرها تحاول تقليد الغرب بقوة، لأن الغرب كان قوة استعمارية ضخمة وإلى الآن هم أقوياء جداً ولهم سيطرة كبيرة على وسائل الإعلام الشهيرة، وذلك لأن الشعوب تمشي وراء مشاعرها بدل المشي وراء خطة مضمونة طويلة الأمد، وهذا حسب ما أرى سبب أن الديمقراطية تبدو كأنها تراعي الحريات بدل الأغلبية، لا لأن الديمقراطية في مبدأها تساند ذلك، بل لأن الشعوب التي التي تحكم نفسها تتأثر بقوة بآليات إعلام الغرب، وأحياناً يبنون قراراتهم لا على شيء سوى أن الغرب فعل ذلك، وذلك حسب مبدأ أن الضعيف يحب تقليد الأقوياء. الأمر محزن فعلاً.
باختصار، الديمقراطية كمبدأ تراعي حكم الأغلبية، لكن لأن الشعوب لا تفكر بعقلانية بل بالمشاعر فهي تتبع الأقوى وهم الغرب، لهذا لو حدثت انتخابات فالشعوب تمشي وراء مشاعرها بدل العقل والمنطق، لذا عندما يكون للشعب فرصة لتمثيله فهم يريدون الأقرب لمشاعره وفي أغلب الأحيان تكون هذه المشاعر ناظرة بغبطة نحو القوي. لذا هذا السبب الذي أراه يجعل الديمقراطية تتذبذب بين مراعاة الحرية ومراعاة الأغلبية.
2- أقصد أن التعريف الموجود للديمقراطية في الكتب، وهو (حكم الشعب لنفسه) غير موجود بدرجة كبيرة على أرض الواقع في الدول الغربية ..
لذا وجب علينا اختيار أحد طريقين:
الطريق الأول: إنكار أن يكون في الواقع شيء اسمه ديمقراطية .. وما يطبق الآن في الدول الغربية نظام ملفق من عدة أنظمة.
الطريق الثاني: إثبات الديمقراطية في الدول الغربية .. لكن يلزمنا إعادة تعريف الديمقراطية بتعريف مناسب للواقع الموجود.
وكلا الطريقين ينتهي إلى غاية واحدة.
3- موضوع تقليد الشعوب المتأخرة لديمقراطية الغرب ليس موضوعنا ..
إنما قصدت بهذه النقطة أن الدول الديمقراطية في الغرب:
أحيانًا تأخذ بحكم الأغلبية ولو كانت تخالف حرية الأقلية
وأحيانًا تأخذ بالحرية ولو كانت تخالف حكم الأغلبية
فلا يوجد ضابط دقيق يربط هذا التذبذب بالديمقراطية
التعليقات