قصة قديمة من طفولتي تذكرتها وأانا مستلقي على سريري أتنقل بين قنوات التلفزيون و لا أتابع شيئا بعينه .. هذه القصة تكررت كثيراُ و أنا طفل صغير .. الوقت هو ساعة الظهيرة في يوم من أيام الصيف .. أصدقائي ينادون علي لكي أنزل إلى الشارع .. أحاول الخروج و لكن ابي يمنعني خوفا علي من حراراة الشمس .. لم أكن وقتها أخشى من الحر أو البرد .. كل ما يشغلني هو كيف أهرب من هذا السجن الذي يسمونه بيتاُ .. و كانت قصة هروبي سهلة للغاية .. فكل ما يتطلبه الأمر القليل من الدهاء .. فكنت أخرج إلى البلكونة. و ألقي بكوتش باتا في الشارع .. ثم أخبر أبي أني سوف ألعب على الدرج .. و بذلك أستطيع الخروج من باب السجن على مرأى و مسمع من السجان .. و كوتش باتا يعرفه أبناء جيلي جيدا .. و هو حذاء الكرة المعتمد في حقبة الثمانينات .. و أستمر الحال هكذا في فترة الشباب .. فكانت دائما في إنتظار إتصال من صديق لكي نجلس على مقهى او نتمشى او حتى نجلس على الرصيف .. المهم هو أن أخرج من البيت .. الآن و قد كبرت تغير الحال .. و إنقلب المزاج .. فأصبحت الفكرة الوحيدة التي تسيطر على عقلي هي ( عايز أروح ) .. عندما أذهب إلي العمل عايز أروح .. في السوبر ماركت عايز أروح .. حتى عندما يتعلق الأمر بنزهة أو فسحة فأنا عايز أروح .. أصبح هذا المكان الذي كان سجناُ في الماضي هو المستقر و المستودع .. أصبحت راحتي أن أستلقي على سريري و إصبعي على أزرار ريموت التليفزيون أتنقل بين قنواته لا أشاهد شيئا .. و خطر ببالي أن تلك مرحلة تمهد لما بعدها .. فلابد أن يعتاد الإنسان على السجن في هذا البيت الكبير .. حتى إذا ما إنتقل إلى البيت الصغير بعد الموت فهو لن يخسر كثيراُ