سؤالك عميق ويعبّر عن صراع يعيشه كثير من الكتّاب عند الانتقال من التعبير الحر إلى الكتابة المهنية. والرد المنطقي على سؤالك يبدأ بالاعتراف بأن بيئات العمل، بطبيعتها، تُعلي من قيمة التنظيم والدقة والحيادية، خصوصًا في النصوص الرسمية والمراسلات والعروض التقديمية، لأن الهدف الأساس هو الوضوح والفعالية.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها تُقصي البصمة الشخصية بالكامل. الواقع أن هناك تباينًا بين بيئة وأخرى. بعض المؤسسات تُقدّر الأسلوب الشخصي وترى فيه عنصرًا مميزًا يعكس الهوية والثقافة، خاصة في مجالات مثل التسويق، التواصل الداخلي، الإبداع، أو قيادة الفكر (Thought Leadership). في المقابل، هناك بيئات أخرى ترى في الأسلوب الشخصي مخاطرة أو خروجًا عن "المهنية" كما تُعرّفها.
التحدي الحقيقي هو التوازن: كيف تكتب بأسلوب منضبط يحترم القواعد المهنية، وفي الوقت نفسه يحمل لمستك وصوتك؟ هذا ممكن، لكنه يتطلب وعيًا بما يمكن الحفاظ عليه من الذات ضمن الإطار المهني، ومتى يمكن التعبير بحرية، ومتى يُفضل التقيّد.
الخلاصة: نعم، هناك مجال للبصمة الشخصية في بيئات العمل، لكنه يختلف باختلاف الثقافة التنظيمية، ونوع المحتوى، والسياق. الكاتب الذكي هو من يعرف كيف يجعل من صوته ميزة مهنية، لا عبئًا.
التعليقات