" قد لا نقتنع بما نكتب ولكن نريد للقارئ أن يتأثر بما يقرأ لنا، وقد نتأثر نحن بالمحيط الذي نكتب عنه ومع ذلك لا يقتنع القارئ بكلماتنا"، لو لاحظنا بأن الإقناع و التأثير مصطلحين يرافقان القارئ والكاتب في أي محتوى مروا عبره. وأحيانا قد نسأل القارئ " هل إقتنعت بالمحتوى؟" و"هل تأثرت بشخصية الكاتب"، والكثير منا قد يعتقد بأنهما ينحذران من السياق نفسه غير أن الأمر مختلف، فقد أشار عالم الإجتماع الشهير هارولد لاسويل أن عملية إيصال المعلومة تمر بمراحل فالمرسل ينشر الرسالة اللفظية أو الغير لفظية للمتلقي ليستقبلها فيقع التأثير عليه في هذه الأثناء بكلمات بلاغية تًضرب على وتره الحساس.

 وإذا إستمرت العملية بدون حصول عائق أو تشويش يحدث ما يسمى برجع الصدى والمقصود به أن المتلقي (القارئ مثلا) يتفاعل مع ماقاله الكاتب بإبداء رأيه أو النقد، وفي تلك الأثناء قد ننتقل من عملية التأثير الى تحقيق هدف المرسل الذي يسعى لوصول إليه من البداية وهو إقناع المتلقي بالمحتوى وقد ينتج عنه إما تبني أفكار الكاتب كما هي والعمل بها أو محو أفكاره الخاطئة وتعويضها بما قرأه أو تعديل البعض من أفكاره وإضافة قراءات الكاتب عليها.

لكن السؤال الأهم الذي نحاول الإجابة عليه من خلال هذه المساهمة: بين إقناع القارئ وتأثير عليه بكلمات الكاتب من الأخطر ومن الأصعب. ببساطة سأختصر كل ذلك في معادلة:

   أدلة منطقية وبراهين علمية + موضوعية في التناول = إقناع القارئ

   عاطفة و أحاسيس + إنحياز في التناول= تأثير على القارئ

لذا برأي أنّ عملية الإقناع هي الأصعب كونها ترتبط إرتباط وثيق بالمحتوى ومدلولاته وبالرغم من أنها اخر مرحلة يمكن أن تحدث مع القارئ أو قد لا تتم إلا أنها تمثل هدفًا أساسيًا بالنسبة للكاتب كون الإقناع إذ حصل يمكن أن يكون دائما، غير أن الأخطر هو التأثير لأنه يحدث في عدة محطات قد يتأثر القارئ بالعنوان قبل معرفة فحوى المحتوى، وقد يعجب القارئ بالسيرة الذاتية للكاتب قبل معرفة تفاصيل كتاباته جيدا، لذلك التأثير يكون تدريجيا قبليا وبعديا في قراءة المحتوى. لذلك أغلبية كًتاب المحتوى اليوم يسعون لتأثير على القارئ أكثر من إقناعه، فتأثير يكون مخدرا ومساعدًا في حدوث عملية الإقناع، ومن لا يثقون فيما يقدمونه من محتوى يفضلون التركيز على أسلوب الكتابة لتأثير على إنشغالهم توظيف براهين الموضوع التي قد لا تًحدث إقناعا للقارئ ويتعرضون للنقد بعدها.

وماذا عنك، ما بين الإقناع والتأثير إيهما تراه أخطر؟ وعبًر كتاباتك هل تعمل على تأثير على القارئ أو إقناعه؟