لا شك أنّ العادات تُشكل نتائج أفعال متكررة ملتصقة بكيان شخصية الفرد، وبعض العادات المجتمعية تربينا عليها وليس من السهل التخلي عنها مهما كانت طبيعتها أو القيمة التي تحملها إلا أن بمجرد أن نخوض في النقاش فيها، قد نتلقى سيل من الانتقادات، وأي شخص يرفض بعض العادات ينظر له بأنه غريب وغير طبيعي.

ولأن المجتمع يعمل على تقديس تلك العادات ويواجه أي شخص يحاول التفكير خارج إطار ما هو شائع، فالكاتب هو الأخر يراقب كل كلمة يكتبها، ويتردد أحيانا في التطرق لمواضيع مهمة، لكونها حساسة وتمثل أحد طابوهات متفاديًا الخوض فيها، حتى يشعر بأنه سجين في زنزانة عادات أمةِ تفرض عليه التفكير داخل ذلك الصندوق وفقط. 

ولكوني مهتمة كثيرًا بمجال التدوين، ففي الحقيقة كثيرًا ما أجد نفسي تائهة في تحديد الوظيفة الحقيقة التي لابد أن يركز عليها الكاتب، فإذا كان يمثل مرأة المجتمع، يشخص ما يقع في بيئته، ويحاول أن يعبر عنها بكلماته لدى من العادي أن نجده يلتزم بتلك العادات طالما أختار أن تكون طبيعة كتاباته مهتمة بذلك الشأن، لكن أحيانًا بعض المواضيع الفكرية والصحية تستلزم على الكاتب أن يكون متخصصا أولا حتى يتمكن من تنوير القارئ بالمعلومات الصائبة ويمحي الخاطئة التي تربى عليها، خصوصا فيما يتعلق بصحته، كعادات الاستهلاك الخاطئة التي توارثها عبر الأجيال، مثل هذه المواضيع في حد ذاتها مسألة يغرق داخلها الكاتب، لذلك الالتزام ببعض العادات تقيده وتجعل ذو تفكير أحادي، حتى النقد الذي يقدمه لابد أن يكون محدودا، لذلك يظل قلمه مربوطًا.

من وجهة نظرتي الخاصة، أرى أن ما يحدث مع الروائيين أمر استثنائي، لا يمكن أن يجعل قلمه مربوطًا بحجة أن عادات مجتمعه تفرض عليه تحديد سقف خياله وتعقيد حبكته أكثر، ولا يمكن للقارئ أن يوجه له النقد لشخصياته التي تعبر عن رفضها لما يحدث في الواقع، لذلك هم أفضل الكُتاب الممكن أن ينجحوا في التعبير عن رفضهم للعادات المجتمعية عبر القصة التي يتم تأليفها.

وكما قال الكاتب الأمريكيّ ترومان" لا يمكنك لوم كاتب بسبب ما تقوله الشّخصيات". 

هل تعتقد أن الكاتب حقًا هو سجين عادات مجتمعه؟ وهل ينجح في التفكير الخارج الصندوق أم لا طالما البراهين التي جاء بها مقنعة؟