يُحكى أن كان هناك واليًا على قلعة تكريت بالعراق جائته أوامر بإخلاء القلعة هو وأهله فاستعجلهم للرحيل، وبينما يستعدون للمسير فاجأت آلام المخاض زوجته، لم يعرف الرجل ماذا يفعل فالتأخير ليس في صالحهم، وما إن وضعت زوجته حتى أخذها هي والطفل وسار بهما إلى بلاد الشام، وفي الطريق عاتبته زوجته لأنه لم ينظر للطفل ولم يمنحه اسمًا فقال الأب أنه لا يظن أنه سيعيش في هذه الظروف الصعبة! تدور الأيام ويصبح هذا الطفل هو الناصر صلاح الدين القائد العظيم محرر القدس.
عجيب أمر الحياة فهذا الطفل الذي ولد في يوم عصيب وكان والده يرى بدلائل الحاضر أن حياته ستكون صعبة لكنه مع ذلك أصبح عظيمًا! ودائمًا ما نرى ونسمع عن حكايات مشابهه لأشخاص ولدوا في ظروف صعبة أو عاشوا حياة قاسية ثم أصبحوا أشخاصًا ناجحين أو مؤثرين، وربما هذه الظروف الصعبة بالرغم من قسوتها على الشخص قد تكون هي المحرك والدافع الرئيسي له، ولولا نشأته في هذه الظروف ما أصبح بنفس الشخصية.
فربما هذه الظروف هي ما تثقل موهبة لديه وتنميها أو تجعله أكثر قدرة على الإحساس بالآخرين ومحاولة مساعدتهم، أو توجه نظره ناحية مشكلة معينة يحاول الوصول لحلها، فالبدايات الصعبة والظروف المؤلمة من فقر أو مرض أو حروب أو قلة حيلة لا تعني استمرار الشخص أن يعيش بهذه الكيفية طوال حياته إن اختار المقاومة، والتاريخ مليء بأشخاص بداياتهم كانت قاسية لكن حياتهم تحولت مثل طه حسين، هيلين كيلر، نيلسون ماندلا، غاندي، ستيف جوبز، محمود درويش، أوبرا وينفري، محمد علي كلاي وغيرهم.. فليس شرطًا أن تولد وملعقة ذهب بفمك لتكون شخصًا ناجحًا أو مؤثرًا أو عظيمًا.
التعليقات