استيقظ جريجور سامسا من نومه صباحًا في أحد الأيام ليجد نفسه قد تحول لحشرة! وبرغم ما أصابه من خطب جلل كل ما فكر فيه هو العمل، فهو العائل الوحيد لأسرته ويعمل لأجل دفع ديون والده، بالطبع صُدمت عائلته عندما اكتشفوا الأمر، وظل هو حبيسًا بغرفته لشهور وأخته تولت أمر العناية به من تنظيف غرفته وتقديم الطعام، ثم اضطرت العائلة للعمل فعائلها الوحيد قد تحول لحشرة! وفجأة استطاع الأب الذي جلس لسنوات دون عمل وازداد شحمه في مقعده العمل ساعيًا، وعملت الآم بالخياطة، بينما عملت الابنة بائعة بأحد المتاجر، ومع انشغال الأخت أصبحت مهمة العناية بأخيها الحشرة ثقيلة على قلبها وأهملت في نظافة غرفته وإطعامه، وفي النهاية فاضوا به عندما زحف خارج الغرفة وقرروا التخلص منه، فزحف عائدًا لغرفته ومات قبل أن يشرق الصباح.

دعوني أخبركم أن نهاية هذه القصة أبكتني كثيرًا، ربما لحزني على نهاية بطلها وكيف أنه وهب حياته لإعالة أسرته وضمان الراحة لهم بعمل متعب لا يحبه، وبرغم ذلك عندما أصابه ما أصابه بدأ الاهتمام به يتناقص شيئًا فشيئًا إلى أن تلاشي بل أُعتبر عبئًا لابد من التخلص منه، حتى أنه حين مات من اكتشفت موته كانت الخادمة وبعد موته اكتشفوا كم أصبح هزيلًا من عدم الأكل، ومن قام بالتخلص من جثته كانت الخادمة أيضًا.

وربما بكيت لأنها أثارت بنفسي تساؤلات كثيرة موجعة جدًا عن الإنسان وكم قد تكون مسؤوليته ثقيلة ولو على أحب الناس إليه الذين فعل لهم ومن أجلهم كل شيء يقدر عليه، لكن بمجرد أن "يتحول" قد يصبح عبئًا يرتاحون بالتخلص منه، وقد لا يكون هذا التحول بأن يصير حشرة كجريجور، لكن ربما يكون هذا التحول على شكل مرض جسدي أو نفسي أو عقلي، أو ربما أي عارض آخر كالوقوع في غيبوبة مثلًا!

فلماذا قد يتغير أقرب الناس إلى هذه الدرجة؟!