إمام حانة
سأفتح أحد الأبواب الكبيرة في علم النفس من خلال مشروع كتابي، وهذا المقطع هو جزء من هذا العمل الذي أحببت أن أشاركه معكم.
إمام حانة
ها نحن تائهون في زحمة هذا العالم، نحاول فهم الحياة التي خُلقنا وسطها، نحاول ربط الأمور ببعضها، لكن ما يزيدنا ذلك إلا تيهًا. فالحياة مزيج من تناقضاتٍ غريبة؛ الحب والكراهية، الأمل واليأس، البناء والهدم. نسير فيها وكأننا نبحث عن شيء مفقود، لكننا لا نعرف ماهيته.
هل نحن نعيش الحياة كما هي، أم أننا مجرد انعكاس لما يريده الآخرون؟ بين معايير المجتمع وضغوطاته، يبدو أن لكل شخص دورًا يُمليه عليه الآخرون، وكأننا دمى تحركها خيوط غير مرئية.
ولكن، عندما نبدأ بالنظر بعمق في دواخلنا، نصطدم بحقيقة أن كل ما نحياه من قرارات أو أفعال ينبع من شيء واحد: دوافعنا الداخلية. تلك الدوافع التي صاغتها تجاربنا، أوجاعنا، وأفراحنا. هل نحن سادة قراراتنا، أم مجرد عبيد لماضينا؟
رحلتنا قد بدأت... أو ربما بدأت عندما فتحنا أعيننا على هذا العالم. يومها، كان كل شيء جميلًا. لم تكن لدينا معايير للسعادة، ولم نفهم معنى الحزن. همّنا الوحيد كان أن نأكل، نتنفس، وننعم بدفء أم حنونة. لا مشاكل، لا تفكير زائد، ولا أحزان. يا لها من حياة بسيطة!
لكن مع نموّنا، بدأت صفحتنا البيضاء تُخطّ بعبارات الحياة: خلافات عائلية، تنمّر، وأحداث لم نفهمها حينها. من هنا، بدأت جذور شخصياتنا تتكوّن. العائلة شكّلت الأساس، والمجتمع الكبير أضاف العادات والتقاليد. كنا نواكب السيرورة، دون وعي أو اختيار.
ومع ذلك، وُجد دائمًا أولئك الذين رأوا العالم بعينٍ ناقدة، يحلّلون كل صغيرة وكبيرة. هؤلاء لم يُولدوا كذلك، بل صنعتهم تجاربهم. كل جرح علّمهم، وكل سؤال فتح أمامهم بابًا نحو الحقيقة.
التعليقات