عند قراءة رواية "فتاة القطار"، نلاحظ التباين الكبير في نظرة الشخصيات لعلاقاتها، خاصة عندما يدقّ بابها ناقوص الشك أو الخيانة. قد تخطر ببالنا صور لأشخاص نعرفهم في الواقع، حيث تشبه مواقفهم ما تمر به شخصيات الرواية. فبينما تختار بعض الشخصيات المواجهة الصريحة بغض النظر عن التّبعيات المؤلمة، مثل ريتشيل التي واجهت الواقع بشجاعة رغم معاناتها مع الإدمان، نجد أن هذه المواجهة قد تترك أثرًا عميقًا. أعرف، على سبيل المثال، أستاذة اختارت طريق المواجهة، رغم أن ذلك أثر على إنتاجيّتها وشخصيتها في التدريس، حيث أصبحت مختلفة وباهتة!

في المقابل، يفضّل آخرون الحفاظ على الاستقرار الظاهري لحماية الأسرة من الانهيار. هؤلاء يرون أن التّستر على ما يحدث خلف الأبواب يجنّبهم المشكلات الأسرية المرتبطة بالأبناء أو المجتمع ويبقي السلام حتى لو على حساب الارتياح النفسي.

وهناك فئة ثالثة تتعامل مع الخيانة أو الشك من منطلق مختلف، إذ تعتبره ابتلاءً عليها أن تتحملّه، وتقرر الصبر حفاظا على حرمة البيت على أمل ألا يؤدي كشفه إلى تخريبه. هؤلاء لا يختارون التّستر بدافع الخوف الشخصي ولا المجتمعي، وإنما انطلاقًا من قناعة دينية أو أخلاقية بضرورة التحمل، و واقعنا مليئ بالزيجات اللواتي يتحملن أزواجا.. من ينظر اليهن من بعيد يستغرب سبب هذا التحمل!

بين كل وجهات النظر هذه، كيف يمكن أن تنجح العلاقات في كسر حاجز الشك؟ وكيف يكون التستر أحيانا حلا أقلّ ضررا بغض النظر عن دوافعه؟