في إحدى المرات التي سافرت فيها إلى القاهرة للعمل خلال فترة الإجازة الصيفية، كان معي مجموعة مقربة من أصدقاء الجامعة، وعندما وصلنا لمقر العمل وجدنا شاباً يقف هناك وحيداً، سلمنا عليه واكتشفنا أنه عمل من قبل في نفس ذلك العمل وأتى ليعمل فيه ثانياً هذا العام. أخذ ذلك الشاب يحكي لنا عن تجربته، وكيفية نظام العمل وكيف تمر ساعاته ببطئ وملل، وعن الطعام الغالي ومعاملة المدير المتسلطة بعض الشئ للعمال والموظفين.

فما كان من أحد الأصدقاء إلا أن قرر الرجوع فوراً دون أن يعمل، ودار بينه وبين الشاب الحوار التالي

الشاب: لماذا سترجع، فكر قليلاً على الأقل!

الزميل: فيما أفكر؟، العمل صعب جدا

الشاب: هو فعلاً صعب، لكن عليك أن تجرب، فربما تجد هنا وظيفة أفضل

الزميل: لو كانت أول وظيفة بهذا السوء فهل ستكون هناك وظيفة أفضل!، ثم إني متعجب لكونك جئت لتعمل في نفس المكان!

الشاب : أنا لدي فكرة مشروع ولا بد أن أجمع له رأس مال لذلك جئت ثانياً، وثانياً فأنا ابحث عن عمل آخر غير هذا في اثناء عملي هنا.

الزميل: المال الذي معي سينتهي، كما أنني لم اكن أريد المجئ أصلاً

وعندما همَّ الزميل بالرحيل والرجوع لبلدتنا، قال الشاب له كلمة لا زالت عالقة في ذهني.

"تأكد أنك ان لم تخض مثل تلك المغامرات فلن تحقق شيئاً في حياتك".

فهل فعلاً قد يتوقف مصير الإنسان بناءا ً على تصرفه في مثل تلك المواقف؟

الإجابة الأكثر إقناعاً بالنسبة لي وجدتها مفصلة في كتاب الأب الغني والأب الفقير لرجل الأعمال الخبير "روبرت كيوساكي"- الذي تناولت في مساهمة سابقة فكرة له- حين ذكر بشئٍ من التفصيل بعض من الأفكار الجوهرية التي يختلف فيها كل من الغني والفقير، ولم تفشل تلك الأفكار في الإستحواذ على عقلي وتفكيري، فقال:

* أنه عند مقابلة شئ جديدٍ أو تجربة حياتية مختلفة، يقول الفقير "فكرياً":

"لا أستطيع فعل ذلك!"

بينما يكون سؤال الغني "فكرياً":

"كيف يمكنني فعل ذلك؟"

كيوساكي يقزل عن هذا الفرق الكبير: "إن واحدة من تلك العبارتين تكفيك عناء التفكير فيما تدفعك العبارة الأخرى إليه"

الفرق الثاني يعبر عن فلسفة كل من الغني والفقير تجاه التعب وتقديم الجهد.

فيقول الفقير : ادرس جيداً لكي تجد شركة جيدة تعمل بها

بينما يقول الغني: ادرس جيداً لكي تجد شركة جيدة تشتريها!

فرق شاسع بلا شك.

الفرق الثالث يعبر عن نظرة كل من الغني والفقير تجاه الأسرة فيقول الفقير :

"عائلتي وأولادي هم السبب الذي يجعلني غير ثري"

وهذا للإلتزامات والمصاريف الكثيرة.

بينما يقول الغني:

"عائلتي وأولادي هم السبب الذي لا بد أن أكون ثرياً من أجلهم"

فأحدهم صنع من الأسرة عائقا والآخر تعامل معها كدافع.

*والفرق الرابع خاص بالمخاطرة، وهذا ما جعلني أتذكر صديقي الذي رجع من القاهرة دون أن يخاطر ويجرب، وكدت أسمع أثناء مطالعتي للكتاب ذلك الشاب وهو يخبر صديقي ناصحاً إياه بخوض التجربة وهو يخبره أنه إن رجع دون أن يجرب فلن يحقق شيئاً في حياته.

والفرق كالتالي.

يقول كيوساكي أن الفقير دائماً ما يلعب في المنطقة الآمنة، ودائما ً ما يقول: " لا تخاطر"

بينما يقول الغني : "تعلم كيف تدير المخاطر"!

قد تفتح ذهني عن الكثير من التجارب التي رأيتها أمامي لأشخاصٍ ينطبق عليهم تماماً ذلك الجزء من الكتاب، ولكنني أريد سماعكم والإستفادة من تجاربكم أيضاً.

وسؤالي لكم هنا، ما هي الصفات والأفكار التي تجدونها في الأغنياء ولا تجدونها في الفقراء، وهل حقاً تساعد تلك الأفكار والصفات على تحديد مصير الشخص مستقبلا ً؟