"كم حياة ستعيش؟، سؤالٌ يحمل من البراءة قدر ما يحمل من الخبث، فلو كان لإبليس أن يغوي أبناء آدم بعبارة واحدة، لكانت هذه العبارة... وهو نفسه السؤال الذي سيعيدك إلى التفكير في حياتك كلها، تلك الحياة التي لا تُمثل سوى الجزء الأول من القصة وليست القصة كلها، حياتك التي ستعيشها، لتغرس فيها ما ستحصده يوم أن ينفخ في الصور"

هكذا يفتتح كريم الشاذلي كتابه (كم حياة ستعيش؟) ليجعل التساؤل الذي قد نطرحه على أنفسنا حين نحاول تجميل أمرٍ نفكر بالقيام به; هو ذاته التساؤل الذي نتوقف عنده خشية أن يكون ذلك الأمر ذنباً نتحمل عواقبه فيما بعد.

(كم حياة ستعيش؟) كتاب خفيف وبسيط وشيّق، حيث يعتبر أحد كتب التنمية البشرية وتطوير الذات، جاء غنياً بالنصائح والتجارب في محاولة من الكاتب للوصول بنا إلى مرحلة محاولة فهم الحياة والواقع الذي نعيشه لنقبله بالشكل الكائن عليه.

حين تقرأ الكتاب ستجده يلامس واقع حياتنا، بمواقفها شبه اليومية ومشاكلنا التي نواجهها، وطرقنا التي نبتدعها كحلولٍ لهذه المشاكل، إنه يأتي ليجعلنا نحاول تعلّم الكيفية التي يمكننا أن نمارس حياتنا بها بإنجازات أكثر وإخفاقات أقل والمزيد من التقبّل، كما أنه يحاول تسليط الضوء على كثير من الأفكار التي أصبحت جزءاً من عاداتنا لكنها بحاجة إلى إعادة برمجة، ومثال ذلك حين أخبره والده بأنه لا أب في هذا الكون يريد أن يكون أحداً أفضل منه سوى ابنه، فيأتي قول الشاذلي مصححاً، بأنّ الأولى أن تكون العبارة بأنه لا أب في هذا الكون يريد أحداً أسعد منه سوى ابنه.

حيث رأيت العبارة وكأنه يوّجه نصيحته للآباء بأن لا يخلقوا أشباهاً لهم في التفكير، ولا يضغطوا على أبنائهم لتحقيق أمور يكون الآباء قد عجزوا عن تحقيقها، فيصيب الأبناء الإحباط والانكسار حال لم يستطيعوا ذلك، وإنما عليهم ترك تحديد المصير لأبنائهم فيجعلونهم يختارون طريقهم بالشكل الذي يُسعدهم ويحقّق آمالهم وليس بضغطهم ليكونوا الأفضل، هكذا رأيت الأمر فهل توافقوني أم لديكم تفسير آخر له؟

كم حياة سنعيش، حين قالتها أنفسكم لكم أو نصحكم بها آخرون، هل كان ذلك لتشجعوها على أمرٍ تخشون القيام به لمخالفته لمفاهيمكم أو لخطورته، أم قلتم لأنفسكم ذلك وأنتم تمنعونها عن أمرٍ ترغبون به لكنكم تدركون تأثيره السلبي وخطورته؟.