في عالم يتسارع نموه يوماً بعض يوم ، تشتعل فيه المنافسة حتى تصل إلى أوجها .. فينهمك الجميع في عمله و يدفن نفسه فيه، حتى يستطيع التفوق و البروز بين كل أولئك المنافسين الطامعين لنفس ما يطمع به، فهو يود أن يكون الأفضل في مجاله ، و الرقم واحد في مقر عمله، و المثل الناجح لمن هم دونه ، و لكنه سرعان ما يبدأ بالإنطفاء شيئاً فشيئاً و تبدأ روحه بالتآكل و يفقد كل معنىً لحياته حتى بعد كل ما أحرزه من تقدم و ثروة و نجاح .

إما مفارقة القانون أو مفارقة الحياة ! كان ذلك الخيار الذي وضعه الأطباء أمام المحامي اللامع جوليان مانتل ، بعد الحادثة الأليمة التي تعرض لها في قاعة المحكمة في إحدى مرافعاته ، كان الأمر صادماً للجميع لاسيما لصديقه الذي لطالما اتخذه قدوة في مجاله .

لقد كان القانون حياته، و لكنه بدأ يتحول إلى قاتل له مع مرور السنوات، و هل بتلك السهولة يستطيع المرء أن يتخلى عن كل ما رسمه و أنجزه و يرحل بعيداً عن كل شيء و يشرع في بناء حياة جديدة لنفسه ؟

كيف يبدأ المرء رحلة التغيير ، و هل يستطيع التفوق على نفسه ؟

يقول روبن شارما في كتابه الراهب الذي باع سيارته الفيراري :

ليس هناك نبل في أن يكون المرء متفوقاً على شخص آخر ولكن النبل الحقيقي يكمن في تفوق المرء على شخصيته السالفة.

إذن النبل من وجهة نظر الكاتب هو أن تتفوق نفسك التي كنت عليها سابقاً و ليس شخصاً آخر .

نعم نحن نتغير و تتبدل شخصياتنا و أحوالنا كلما تقدمنا بالعمر و ازددنا نضجاً و تجارب، و لكن ذلك لا يعني دائماً أننا تفوقنا هناك من يظنون أنهم يحرزون تقدماً و لكنهم يتحركون بلا وجهة و لا هدف فيضعون أنفسهم عرضة لموت بطيء، كالسرطان في الجسد، كلما تأخرت في اكتشافه كلما فتك بك ، هذا تماماً ما حدث مع جوليان .. لولا تلك الحادثة لكان أسلوب حياته المزدحم ذاك سبباً في دماره .

برأيي أن ننظر إلى أنفسنا قبل 5 أعوام و نقارنها بأنفسنا الآن و نشعر بحجم الإنجاز الذي حققناه على الصعيد الشخصي .. تلك لحظة عظيمة في حياة كل إنسان ، و من حُرم منها سيقضي عمره بلا معنى .

و أنت .. عد بالذاكرة إلى شخصيتك قبل 5 سنوات .. هل ترى أنك قد تفوقت على نفسك ؟