من طبيعة الفرد أنه قد يمٍلُ من التكرار، لذلك قد نجده دائم السعي الى الاكتشاف وتجريب كل ما هو جديد، لكن عندما يتعلق عقله بكلماتٍ قراءها ولاحظ أن أسلوب تفكيره تغير للأحسن فأنه سيبقى متمسكًا بطوق تلك الأحرف، وكما نعلم أنه ليس كل كتابٍ يمكن أن يصلح لإعادة قراءته. مثلا البارحة، مررت بمنشور كتبه الكاتب أدهم شرقاوي عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي يقول فيه:

فلا أنتِ قريبةٌ لألقاكِ، ولا بعيدةٌ لأُغادركِ، ولا الطريق إليكِ مُعبَّدٌ لآتيكِ، ولا وَعِرٌ لأُفارقكِ، ولستِ لي لأطمئن، ولستُ ممنوعاً عنكِ لأخاف، لا الأرض ضيقة لنلتقي، ولا واسعة لنفترق ولا أنا إن مشيتُ إليكِ أصل، ولا إن قعدتُ مكاني أبتعد، ولا أنتِ بالتي تنسى، ولا أنا بالذي لا يتذكر، فاللهمَّ صبراً.

منذ أن كان عمري 15سنة تقريبا وأنا أقرأ لهذا الرجل، كحديث المساء، حديث الصباح، رواية نبض، عندما التقيت عمر بن الخطاب....، وبعدما أتممت منشوره، حاولت تذكر ما قرأت له سابقًا، فبدأت باسترجاع بعض العبارات التي أتذكرها الى اليوم من كتابه حديث الصباح ك: “ما حاجتك للناس وأمرهم وأمرك بيده، ما حاجتك لبيوتهم الموصدة وبيوت الله مشرّعة"، وبعد كل هذه السنين التي مرت على إصداراته شعرت أنني لأول مرة أقرأ له، أسلوبه يتجدد وأفكاره تتطور، فكيف استطاع أن يعلقني بأحرفه ويوقعني أسيرة لبيانه لدرجة أنني أردت إعادة قراءة ما قرأت له قبل سنوات؟ 

ولست أنا الأولى ولن أكون الأخيرة بالطبع التي تحب تكرار قراءة الكتب، مثلًا الإمام الفقيه الزاهد، تلميذ الإمام الشافعي إسماعيل بن يحي المزني ذكر أنه قرأ كتاب "الرسالة" للشافعي خمسمائة مرة، تخيلوا ذلك، وفي كل مرة يخرج بفائدة جديدة لم يستفدها في قراءته السابقة.

وحتى بعض الكُتاب أنفسهم، يولون أهميةً للقراءة المتكررة الكتب المتميزة، وهذا ما ذكره العقاد في كتابه أنا يقول أن قراءة كتاب واحد ثلاث مرات خير من قراءة ثلاثة كتب في الموضوع نفسه.

وماذا عنكم يا أصدقاء، كيف ترون مسألة القراءة المتكررة للكتب؟ وهل تميلون لهذا الفعل أم لا؟ ومن هم الكُتاب الذين ترونهم يستحقون أن نقرأ لهم مرات عديدة؟