انهيار القيم أو تحولها إلى شكليات موسمية أو سلوكات إعلانية ،يفقدها صدقيتها لتغدو مجرد تمثل باهت ...المتفق عليه أن التحولات والتغيرات الإجتماعية بكل أبعادها الفارقة تطبع التوجهات الفارقة أيضا ،ببيانية تختلف في درجاتها من حيت الوعي المسؤول والملتزم . من حكمة بعضهم وقد عوتب في كثرة إنفاقه تصدقا قال: لو أراد رجل أن ينتقل من دار إلى دار ،ما أظنه كان يترك في الدار الأولى شيئا .ويحكى عن أحدهم وكان تاجرا ،ترك في الدكان صبية وقد ساوم مشتري وباعه بضعف الثمن و قد رضي المشتري .لما عاد صاحب الدكان وعلم بالأمر أسرع إلى السوق وناد : من إشترى من محل كذا بسعر كذا ،لما لقيه وأخبره قال المشتري : أنا رضيت .قال : نحن لا نرضاه و أعاد له الفارق.

الصدق إن لم يظهر في قناعاتنا و يظبط شهواتنا و طمهنا فهو زيف ،كلام حلو ،نردده لنرضي به أنفسنا .لهذا لما جاء إبليس يريد الإيقاع بالمسيح قال عيسى عليه السلام : الله لا يجرب .ويروى عن أحد علماء الازهر في. إحدى زيارات الملك وكان يجلس مادا رجليه ،القى الملك السلام فرد الأزهري وأكمل في أمره ...لما عاد الملك لقصره بعث له صرة من المال ليختبره قال وقد رد المال : كيف لمن يمد رجليه في خضرة الملك أن يقبل صدقته . الثبات وصدق النيات ووعي الدور الإجتماعي للفرد من يجعله يتميز .الموقف يصنع التميز بصدق الصفاء و نبل الإنسانية . يرى الغزالي أن أربع دوافع تحتكم السلوك الإنساني : شهوة الطعام والحنس والمال والجاه ويرى أن عدم فقدان التوازن هو : الإعتدال .

في النص في ما يهذب النبي محمد صلى الله عليه وسلم الناس قالفي ما يروى قال عن علي : قال الرسول: إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حلّ فيهم البلاء .والبلاء كلمة تشمل كثيرا مما يؤدي و يحقق عنها أضرار لا حصر لها من بين ما عدد النبي : أكرم الرجل مخافة شره .

وكان زعيم القوم أرذلهم .

المغنم دولا .

الأمانة مغنما .

التحول في المفهوم ،الذي يصبغ بإنحرافات يراد أن يؤسس عليها منظومة سلوكية تسير حياة المعاش الإنساني.صراع الشهوة و الرضوخ لها يعطي أكثر من مبرر لتجاوز حد الإعتدال و تأويل المواقف ...لحد تشويه المعاني الحقيقية .في رسالة لسيد قطب  ( معركة الإسلام والرأسمالية ) يقول: ولقد انتهت بنا الأوضاع الإجتماعية المريضة إلى فساد في الذمم والضمائر. ولو أردنا تعداد السلوكات المزيفة التي تقدم و يبهرج لها من وسائل التسهيل و التجاوز المستملح لوقفنا على فنون من التهكم الصريح على القيم الفاضلة في العلاقات البسيطة و العامة حتى أعلى المؤسسات في الدولة ،ما يضر بلحمة الوطنية وتفقد إحدى ركائزها : البروقراطية التي صنعت دولة داخل دولة و ما فتح الباب على ألوان من السلوكات الحقيرة في الإدارة . المال الفاسد و ما كانت حوصلته من خطر على الصحة النفسية والبنية الإجتماعية  والأمن العام أقواها عودة مظاهر التفاوت الطبقي الفاحش وما أفرخ من سلوكات منخرفة و إستهلاكية لأنماط التعايش ...فساد الأذواق و بروز التحرر كمتوسط سهل لتبرير كل فساد ...يقول عبد الله شريط في ( معركة المفاهيم ):  حاول حامورابي أن يجعلنا نعيش بالقانون فعشنا به دهرا قليلا ثم نسيناه وعدنا إلى العيش بشهوتنا