الإجابة كانت مؤثرة حقاً

الإجابة ل : Aria Nichols

الترجمة نقلاً عن : Mo'ataz Ahmed -مُدون مصري على فيسبوك-

رابط الإجابة من Quora :

ما هو أكثر شيء شجاعةً فعلته في حياتك؟

  • في ديسمبر 2016 غادرت المستشفى وأنا أحمل ابنتي "لميس" التي تبلغ من العمر اسبوعين، أقلعنا على طائرة في رحلة ستستغرق 17 ساعة وأنا أعلم أنها من الممكن أن تموت على ذراعي في أي لحظة ، كنتُ مرتعبة ولكني أقسمت أن أبقى هادئة حتى نهبط.

لم يكن أمامي سوى 24 ساعةً تقريبًا لأصل بها آمنة، ورحلتنا ستسغرق 22 ساعة، لم يكن هناك مجالٌ للخطأ، أبقيتُ يدي على صدرها لأتفقّد معدل تنفسّها في كتمان طوال الرحلة، كنتُ أعد تقريباً كل نفسٍ تأخذه.

وُلدت لميس بحالة مرضية وهي "متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج"، ولسوء الحظ خسارة إصبعين من أصابعها و حجمها الهزيل جعل المستشفى تعارض إجراء العملية الجراحية لها، لم يكن لشيء مما قلته أو فعلته ليغيّر قرارهم، فقد أرسلوها للمنزل كي تموت.

بينما كنتُ أتناقش مع مركز الرعاية التلطيفية (يراعون من هم على وشك الوفاة)، جهزتُ سراً جواز السفر لها وحجزاً على الطائرة، لم أكن أعلم مطلقاً هل كان الجرّاح سيوافق على أن يجري لها العملية أم ماذا ولكن لم يكن لدي أي وقت لأضيّعه، فقد بدأت تشتد أعراض المرض عليها.

قضيتُ اياماً وليالٍ أبحث عن كل شيء يخص قناتها الشريانية حيث يبقيها عقار البروستاجلندين مفتوحة. في اللحظة التي سيوقفون فيها هذا الدواء عنها، سيبدأ العد التنازلي لها ولم يكن أحد يستطيع أن يخبرني إلى أي مدة ستظل قناتها الشريانية مفتوحة، وعلى الرغم من كم المعلومات التى عرفتها وفي أثناء تصنَعي البكاء كان يجب أن أبقى حذرةً كفاية كي لا أسأل أسئلة مباشرة من شأنها أن تكشف أمري.

أجمعت الأراء أنه لم يتبقَ لها سوى 24 ساعة، ومع ذلك فهمتُ من أبحاثي أن الجفاف قد يؤدي إلى غلق القناة الشريانية اعتماداً على نظرية التوازن، كما أخبروني أن الرضاعة الطبيعية قد تسرّع من الوفاة لأنها ستزيد الضغط على القلب بسبب مجهود الرضاعة كما ستزيد من التهاب الامعاء الناخر ( عدوى تقتل الأطفال الرضّع) ولذلك قررت أن أستخدم زجاجة مياه في الرضاعة ولأنها كانت تعاني من اللسان الملتصق جعل هذا الأمر عملاً صعباً.

كان بحثي كافيّاً لأعلم أن خطوط الطيران ترفض الركاب الذين يتناولون عقار البروستاجلندين، لذا لا يجب على شركة الطيران أن تعرف وهذا يعني أني لن أتمكن من استخدام تأميني الصحي ولن أستطيع أن أنقل ابنتي في عربة خاصة مزودة بالامدادات الطبية الكاملة. وبرغم من ذلك فقد حاربتُ كثيراً لأبقى الحقنة الوريدية لأنهم أخبروني أنها ستُزال عند التفريغ. وبدون أي مساعدة وخلال 11 ساعة تمكنتُ من أن أجمع كل الأغراض اللازمة للحفاظ على حقنة وريدية أخرى، فمعي كبسولة بها بعض قطرات البروستاجلندين المتبقية من أمس مخبئة في حمالة الصدر خاصتي مع محلول ملحي 500 مللي، المشكلة كانت في إني لا أعرف كيف أُدِخل الكانيولا الوريدية، هذا هو الدرس الوحيد الي لم أجيده في كلية الطب، فقط تمنيّت لو كان هناك شخصاً ما على الطائرة يستطيع أن يجد وريداً بها، لذا لم يجدر بي طلب المساعدة إلاَ قبل أن تنتهي الرحلة بمدة قصيرة فإعاداتنا مرة أخرى تعني كارثة.

وصلتُ المطار قبل أن يغلق التسجيل بعشر دقائق، كانت الرحلة محجوزة بالكامل ولحسن الحظ لم يأتي بعد الركّاب، وظهر شخص طيب من الطاقم وأخبرهم بأني أكدت الحجز مسبقاً عبر الانترنت، رغم أني لم أفعل.

جلست على الطائرة مغطاة ببطانية وأدعيّ بأني أرضع ابنتي، بينما كنتُ أزيل الغطاء عن الكبسولة التي تحتوي على القطيرات الصغيرة من البروستاجلندين وأبقيِها مرفوعةً لأعلى فما كنتُ لأغامر بخسارة تلك الـ0.2 مللي إذا رفع الهواء الممدود الغطاء عن الكبسولة. فقد كنتُ اعلم أنه من المحتمل أن أحتاج الدواء في رحلة العودة أو عند سفري إلى جراح آخر في حال لم يوافق هذا الجراح.

أتى الجراح في يوم عطلته عندما علم بأني قدمت إليه، كان مذهولاً بشدة، وواصل إخباري بمدى إعجابه بشجاعتي وإصراري، لهذا تأكدت بأنه وافق على أن يجري عملية جراحية صعبة كهذه، وبذل فيها قصارى جهده فلم يكن يريد أن يخذلني.

أرسلت صديقاً لي إلى داخل غرفة العمليات ليطلعني على ما يحدث، وأخبرني ما قاله الجرّاح:

عندما أموت ولو كان لازماً أن أُعاقب على شيء سيكون على أنّي خسرت تلك العملية، إنها من أصعب العمليات التي قم بإجرائها على الاطلاق."

استسلمت طفلتي في صراعها من أجل الحياة وفارقتني بعد أربع أيام من اجراء العملية، أشعر بالراحة لأني حاولت، وأعطيتها الفرصة حتى وإن كان هذا الشيء الأكثر رعباً في حياتي، كنت أرتعد من الخوف ولكن على الأقل حاولت.

الحُب يجعلك نفعل أشياءًا ما كنت لتتخيل أنك تستطيع فعلها، الحب يجعلك شُجاعاً .