الطبقية شكل من أشكال العنصرية التي تتغلغل في نسيج المجتمع وتحدد مصائر البشر قبل أن يختاروا مصائرهم بأنفسهم وليست مجرد اختلاف في الموارد أو المكانة بل هي تنظيم القوة والفعل الاجتماعي بحيث يصبح الحق محكوماً بالانتماء والولاء لا بالكفاءة والجدارة فهناك طبقة المحميين بسلاح وسلطة وأموال تتكدس عندهم الإمكانيات ويصير القانون خادماً لرغباتهم والمحامي أداة لإضفاء الشرعية على امتيازاتهم وهناك طبقة المحميين بسلاح عشائري تظل عصبية الدم وسلطة القبيلة خيوطها الأساسية فتتجمد العدالة تحت ثقل الولاءات وتغيب معايير الحق والعدل وهناك طبقة المحميين بعلاقات ومصالح يُفتح لهم الطريق في كل مكان وتغلق أبواب المجتمع أمام الآخرين وتتوزع المنافع والفرص بحسب الانتماء والشبكة التي يملكونها فلا قانون إلا القانون المرسوم ولا حكم إلا للحاكم المكروم

الضعفاء والمستضعفون

في المقابل توجد طبقة الضعفاء الذين لا سند لهم ولا حماية تتعرض حقوقهم للانتهاك وكراماتهم للطمس ويصبح المجتمع بالنسبة لهم مساحة من الخوف والتردد وهنالك المستضعفون المضطهدون لأفكارهم وآرائهم الذين يُهمشون ويُقمعون ويصبح صوتهم مجرد نداء لا يسمعه أحد وتبقى القرارات في يد المحظوظين فتتنامى مظاهر الظلم وتصبح قاعدة السلوك الاجتماعي تعتمد على القوة والمال والشبكات لا على الحق والجدارة فلا عز إلا للحق ولا قيمة إلا للعدالة ولا أمان إلا للكرامة

إمكانية التغيير والمقاومة

والطبقية ليست مصيراً محتومًا بل نتاج تراكمات اجتماعية وثقافية وسياسية يمكن نقدها وفهم أبعادها وهي عملية توزع القوة والامتيازات بطرق غير عادلة ويجب كشف الشبكات التي تحافظ عليها وتحليل علاقتها بالسلاح والعشيرة والمصلحة والمال ومقاومة الطبقية تحتاج إلى إرادة ووعي وإعادة تنظيم للمؤسسات والقوانين لتصبح شفافة وعادلة، وكذلك التعليم والتربية يمكن أن يحد من غرس الولاءات الضيقة في النفوس ويعيد الاعتبار للعدالة والكرامة ورفع صوت الحق فوق صوت الجاه والمال والمجتمع حين ينجح في ذلك لن يكون أكثر عدلاً فحسب بل أكثر إنسانية وأكثر قدرة على الاستقرار والتعايش والسلام ومن سار على درب الحق لم يضل ومن أعان العدالة ارتفعت قدرته ومن أحاط بالعدل عزّ شأنه وبلغ مراده!