أعتقد أن اختزال هيدجر في كونه مجرد إحيائي قد يظلمه ويقلل من عمق مشروعه الفلسفي. من المؤكد أن هيدجر يعود إلى جذور المفاهيم، لكنه لا يفعل ذلك بغرض إحيائها بمعنى مجرد استعادتها، بل بغرض كشف ما تم حجبُه أو تغييبه في تطورها الميتافيزيقي عبر تاريخ الفلسفة الغربية.

 إن أساس مشروع هيدجر ينطوي على إعادة مساءلة جذرية للوجود نفسه، وليس فقط العودة إليه كما كان عند الإغريق، ولكن إعادة فهمه في ضوء الزمانية والوجود في العالم.

عندما نقول إن هيدجر إحيائي، حتى بمعناها الإيجابي، قد يحعلنا نغفل حقيقة أنه لا يهدف إلى إعادة بناء الماضي، بل إلى تجاوز الإطار الميتافيزيقي الذي جعل الوجود مسألة هامشية واعتبر الموجود هو الأولوية.

أرى شخصيا أن الوصف الأقرب لوصف محاولة هيدجر هو أنها لسؤال الوجود ليست مجرد وصف كتعبير عن حقيقة ثابتة، بل كتعبير عن سيرورة تكشّف الكينونة. وبهذا فٱن هيدجر لا يقف عند حدود الإحيائية، بل يتجاوزها إلى ما يمكن تسميته بـ"إعادة تركيب أفق الفهم الفلسفي" للوجود (أوالكينونة).