قد كنا يا رعاكم الله لا نرى الحمقى الا في الشوارع، فكنا نسخر منهم كما لو كانوا دمية أراغوز مضحكة، ولا نعلم علنهم إلا ما كتب ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين، أما اليوم وبفضل السوشال ميديا أصبحنا نراهم في كل مكان ولا نرى الحكماء الا في الشوارع ونسخر منهم كما لو كانوا معتوهين أو مجانين، فأسأل وتسألون، كيف أمكنهم بالحمق أن يكونوا ناجحين ومحبوبين وأثرياء، أليس الحمق مرضا وجهلا وعتها؟ أم أن الحمق جيد ونحن لا نعلم؟
سيجيبنا اراسموس في كتابه في مدح الحماقة..بأن الحماقة هي باب السعادة والنجاح فعل...والناس اغباء لانهم يبحثون عن السعادة في المال والثروة والكتب و الايمان والعلم والتفكير..الخ ..في حين ان السعادة في الجهل والحماقة والبساطة، فالحمقى الجهلة هم اسعد الناس على الأرض .
يقول ايراسموس ان الانسان اذا أراد ان يصل لقدر من السعادة عليه ان يتحامق ويتجاهل بإرادته الحرة ، أي ان يعيش على سجيته ببساطة بلا مبالات او تعظيم للأشياء، هكذا فقط يستطيع الانسان ان يكون احمق بإرادته.
المقصود بالحماقة التي يقصدها اراسموس هي الحماقة لبريئة التي لا تجعل الانسان يأخذ الحياة بجدية كاملة ... فالحل للعيش الهني هو التخلي عن محاولة عقلنة منطقة كل شي، فقليل من الحمق والجهل والهزء يمكن ان يجعل الحياة أكثر متعة وجمالا.
يسأل ايراسموس سؤال أعتبره سؤالا مفصليا جدا، يقول:" دلني على رجل حكيم، ذاق طعم السعادة في حياته، لن تجد ابدا سوى انسان بائس قضى أجمل سنوات شبابه في البحث بين الكتب..لم يدق جرعة واحدة من الساعدة بل عاش فقيرا كئيبا قلقا حائرا وحزينا وعاليا ما يكون غير مرحب به من الاخرين ويشيخ قبل أوانه ويمرض من فرط التفكير ويموت بشكل مفاجئ" .
يعتبر ايراسموس أن من يعطي مساحة واسعة من وقته للتفكير والتحليل والمنطقة والجهد العقلي هو انسان غبي واحمق، في حين أن من يبدوا لما أحمق وغير مبالي هو الحكيم فعلا بطرق عيش الحياة بسعادة .. فالحمقى هم أطول الناس عمرا وأحسنهم صحة وأكثرهم تنعماً بالحب، على عكس الحكماء الدين يمرضون ويشيخون باكرا، فكثرة التفكير تستنزف العمر.
ما تعليقك على فكرة الحماقة هذه؟ هل تعتقد حقا أن الحماقة يمكن أن تكونا طريقا للسعادة أم هي طريق طويلة للتقليل ألم الحياة؟
التعليقات