من مِنا لم يشاهد البروباغاند الرخصة على السوشال ميديا وكيف حولت الزلزال من حدث مهول؛ كارثة لا تستدرك؛ الى حفلة تهكم هزلية بصورة لا تصدق،الى ألاف من الفيديوهات التي تتشمت بأل أتتاتورك تشاهد بالملايين، وعشرات القنوات اليوتيوبية تحول الحدث الى قضية قبلية عصبية في قمة الطفولية، فتحول كل شيء في لمح البصر الى قضية دينية وسياسية محضة وتم تجاهل الحدث الأهم، وهو الإنسان المهدور دمه تحت الأنقاد، السؤال لماذا؟ وكيف لحدث كهذا أن يستدعي مثل هذه الأفكار أصلا؟ وكيف يمكن لهذا الحدث أن يبن لنا بنية عقل العرب؟

للحقيقة المسألة ليست جديدة انطلاقا ولست بحاجة أن أستحظر لكم أمثلة عن ذلك لأننا جميعا نعرف آلاف القصص المشابهة، القصة تعود الى أزمنة بدائية حيث كان الانسان يرجع كل الظواهر التي يراها إلى أسباب ما ورائية ويفسرها تفسيرا أسطوريا، وذلك لأن العقل البشري وقتها كان عقلا بسيطا وأنيا من جهة ولا يملك أدوات التفكير الجيدة من جهةأخرى، بالإضافة لتعرضه لكميات مهولة من الخوف نتيجة وجوده المباشر مقابل الطبيعة التي لا يملك أي سلطان عليها، لكن مع التقدم العلمي وامتلاك الانسان أدوات القوة وتمكنه من السيطرة على الطبيعة ولو نسيبا، تحول هذا العقل من عقل بدائي الى عقل تحليلي، لكن مع الأسف هذا التغيير لم يمس كل البشر، وبيقت مساحات بشرية كبيرة تعاني من العقل البدائي الذي يفسر كل شيء بقرنيه.

يقول الباحث خزعل الماجدي بأن طبيعة العقل الشرقي يختلف عن العقل الغربي في أساس التشكيل، فالعقل الأول هو عقل حالم خيالي سردي يحب القصص والاساطير ويرتاح فيها وهذا ما يفسر اجتماع كل الأديان في بلدان الشرق، في حين أن العقل الثاني هو عقل منطقي تجريبي يهتم بالواقع والخبرة، لذلك هو مهد العلم الحديث والاختراعات، ولا يمكن لأي عقل من هؤلاء أن يتحول الى الاخر، ويسيبقى العقل العربي الشرقي عقلا اسطويا مهما ادعى التقدم لأن طبيعته التكوينية هكذا، وحتى لو سافر وهاجر به الى بلدان الغرب يبقى به كذلك.

هل عرفتم الأن لماذا يهرع الغرب اليوم للمساعدة في الوقت الذي مازال العرب يشمتون باسم الإرادة الإليهة؟ هل تعتقد عزيزي بأن العرب لا يمكنهم التخلص من العقلية الأسطويرية فعلا أم أن هناك أملا ما؟