حكم الجمع بين أكثر من أمر في صلاة استخارة واحدة

الاستخارة من السنن النبوية العظيمة التي شرعها الإسلام ليطلب العبد بها التوفيق من الله في الأمور التي يحتار فيها. فقد أرشد النبي ﷺ أمته إلى هذه السنة العظيمة بقوله:

"إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم..." (رواه البخاري).

ولكن هل يجوز للمسلم أن يجمع أكثر من أمر في صلاة استخارة واحدة، أم يجب تخصيص صلاة لكل أمر؟

رأي العلماء في الجمع بين أكثر من أمر في صلاة استخارة واحدة

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

الرأي الأول: جواز الجمع بين أكثر من أمر في صلاة واحدة

ذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز للمسلم أن يستخير الله في أكثر من أمر في صلاة استخارة واحدة، ويذكر جميع الأمور التي يحتار فيها في نفس الدعاء، فيقول مثلًا:

"اللهم إن كنت تعلم أن الأمر الفلاني أو الأمر الفلاني خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن أحدهما شر لي، فاصرفه عني واصرفني عنه..."

واستدلوا على ذلك بأن دعاء الاستخارة عام، ولم يحدد النبي ﷺ في حديثه أنه يجب تخصيص كل أمر بصلاة مستقلة، وإنما قال: "إذا همَّ أحدكم بالأمر"، وهذا قد يشمل أكثر من أمر في وقت واحد.

الرأي الثاني: الأفضل تخصيص صلاة استخارة لكل أمر

ذهب جمهور العلماء إلى أنه من الأفضل أن يخصص العبد صلاة استخارة مستقلة لكل أمر، بحيث يصلي ركعتين لكل موضوع، ثم يدعو الله بعدهما، لأن ذلك أقرب إلى الخشوع والتوجه التام في الدعاء، وأوضح في التيسير عند انتظار الإجابة.

واستدلوا على ذلك بأن النبي ﷺ قال: "إذا همَّ أحدكم بالأمر"، أي أن الاستخارة تكون على أمر واحد في كل مرة، مما يدل على التفرغ التام لهذا الأمر أثناء الدعاء. كما أن تخصيص صلاة مستقلة لكل أمر يعين المسلم على التركيز والتوجه بقلبه إلى الله دون تشتيت بين أكثر من مسألة.

أي الرأيين أولى بالاتباع؟

الأمر في ذلك واسع، فمن استخار في أكثر من أمر في صلاة واحدة فلا بأس، ومن خصص صلاة لكل أمر فهذا أكمل وأفضل. والأفضل أن يختار الإنسان الطريقة التي تريحه أكثر، والتي يشعر فيها بخشوع وتوجه كامل لله.

وفي جميع الأحوال، المهم في الاستخارة هو صدق التوكل على الله، وترك الاختيار له، والرضا بما يقضي به سبحانه، سواء ظهر ذلك في تيسير الأمور أو صرفها.