نعيش أعمارنا ونحن نركض خلف أشياء كثيرة ظنا منا أنها ستمنحنا معنى أو طمأنينة أو اعترافا لا ينتهي لكننا نصل غالبا مرهقين أكثر مما كنا ونكتشف متأخرين أن أغلب ما سعينا إليه لم يكن ضروريا بقدر ما كان ضجيجا تعلمنا منذ وقت مبكر أن نتماسك وأن نبدو أقوياء وأن نخفي ارتباكنا خلف كلمات جاهزة وابتسامات مدروسة حتى أصبح الصدق عبئا والهدوء تهمة والتعب شيئا يجب إنكاره لا فهمه

في هذا المجتمع لا يُكافأ الإنسان لأنه صادق بل لأنه صامد ولا يُحتفى به لأنه إنساني بل لأنه قادر على التحمل أكثر من غيره هكذا نكبر ونحن نضغط على أرواحنا ونؤجل ذواتنا ونقنع أنفسنا أن ما نشعر به يمكن تجاهله إلى أن يتحول التجاهل إلى أسلوب حياة وإلى فجوة داخلية لا يراها أحد

لكن الحقيقة البسيطة التي لا نحب سماعها هي أن الإنسان لا يخسر حين يتوقف قليلا بل يخسر حين يواصل دون وعي وحين يعيش بما يُتوقع منه لا بما يحتاجه وحين ينجح في أعين الآخرين ويفشل في مصالحة نفسه إن ما يصنع الفرق حقا ليس عدد الإنجازات ولا كثرة الكلام بل القدرة على أن نكون حاضرين بصدق وأن نختار إنسانيتنا حتى في عالم يطالبنا بالقسوة

نحن لا نحتاج إلى أن نكون أقوى بقدر ما نحتاج أن نكون أصدق مع أنفسنا ومع غيرنا وأن نتذكر أن كل شخص نقابله يحمل قصة لم تُحكَ بعد وأن أبسط أشكال الوعي هو أن لا نضيف ثقلا جديدا على من أثقلته الحياة بالفعل ربما لا نستطيع تغيير العالم لكننا نستطيع أن نغيّر الطريقة التي نوجد بها داخله وهذا وحده كاف ليصنع أثرا أعمق مما نتخيل

السؤال

إذا كان كل هذا العبور لا يترك فينا سوى ما وعيناه بصدق فماذا نريد حقا أن يبقى منا