كلما دندنت أوتارُ الخيانة لحنًا، عادت لتتشكلَ قصصُ المآسي في أذهان كل مستطرب؛ من أوصافهم تظنّهم غرباء عن السياق، ويأتي المايسترو ليسرد أوصافًا أخرى، لكنهم لا يدرون أنهم جميعًا يتقاسمون الصدمة ذاتها.

أليس الفأس أدرى أن أمه شجرة؟ ألم يسمع السكينُ معاناةَ أبيه الحدادِ مع الحَجَرة؟ أهو أعمى؟ أم أعماه السواد؟

ونحن في شرفة عقل أحد الحاضرين، حيث الكلّ يبحث، لم يُبالِ أحدٌ برثاء ذاك الكمّ من الصور،

إلا صورة بدَت من الوَهنة الأولى… بيضاء، كغيرها من الصور الباهتة،

لا أدري ما الشيء الذي ميّزها عن أخواتها،

أم أن قاموس خيباتي صار عاجزًا عن ترجمة معالمها.

وهنا… الكلّ رافعٌ رأسه،

قلمُ المايسترو هو أيضًا لم يرفع نظره عنها،

في لوحةٍ تعبيرية، كتمثال حريةٍ وسط العبيد،

تعلو الصورة، لا بوضوحها، بل بغموضٍ يستفزّ الذاكرة،

كأنها رسالة قديمة خرجت من رُكام الحنين،

لا توقيع فيها… لا تاريخ… لكن الجميع أقسم أنه رآها من قبل.

هنا، لم يعد العقل شرفة،

صار ساحة عرضٍ لحقيقةٍ تحرج المنطق،

المايسترو توقّف عن العزف، لا لأنه انتهى،

بل لأن الصورة بدأت تعزف من تلقاء نفسها...