رغم كوني ابنه الألفين نوعاً ما ولدت قبلها بأشهر وعشت فيها طفولتي ومراهقتي بل وشبابي، ورغم كوني لم ارى من التسعينات الا اخر سته اشهر ولم اسمع بالثمانينات ولكني اؤمن انه حتى 2010 كانت الحياة مشابهة للغاية لهاتين الحقبتين، ولسبب ما يحن مواليد الثمانينات والتسعينات لنفس ما احن انا اليه، انا وكل من ولد في عام 2000، فقد كانوا يلعبون نفس الالعاب مثلنا، يشاهدون معظم ماشاهدناه من برامج التلفاز ويحنون لنفس الأجواء ، في اعتقادي انه ومن بعد عام 2010 اصبح العالم غير العالم، وكأن عاصفة كونية ضربت كرتنا الارضية، فجأة تغير كل شي...

لاشي مهم...فقط يبدو الواقع مملاََ بشكل غريب، وبسبب هذا الاختلاف بين الماضي والحاضر تبدو ذكريات الطفولة - عندما تستحضر- وكانها قادمة من عالم اخر، ولولا ان وجودي الان دليل على كون هذه الذكريات حقيقة لكذبت نفسي، فأحداث الماضي مثيرة ومحمسة وفريدة حتى اني اكاد اكذب انها قد كانت يوماً ما واقعاً معاشاً وهذا لما أشهده كل يوم في الأطفال الذين ولدوا مؤخراً فأنت يندر ان ترى منهم من يعيش طفولة مشابهة لما عشناه نحن.

الاحساس بالغربة حاصل لامحالة، فمن عاش طفولة مزدهرة اجتماعياً، ومليئة بالنشاط والحركة واللعب الحر، ومن عاش في عالم يعج بالقيم الأخلاقية التي تضخ بكثافة سواء في المنزل والمدرسة او في برامج الترفيه من كرتون ومسلسلات، يصعب عليه للغاية التأقلم في عالم يعاكس كل ماتربى عليه، عالم اصبح البشر فيه يميولون للعزلة، الخمول والكسل، وتقطعت فيه الاوصال الاجتماعية، وفجأة اصبح الجميع يتحدثون بعبارات تعزز الفردانية وتغذي "الأنا" والاخر اصبح "ريد فلاق" و "توكسيك" و "نرجسي" الجميع اصبح - فجاءة - يحاول "استغلالنا" وعلينا ان نحارب من اجل استقلاليتنا بلا بلا بلا ،... الخ ،عالم تحولت فيه القيم الاخلاقية الى مادة للسخرية وفقد فيه العمل الفني والترفيهي نيته الأصليه في امتاعك وتعليمك... عالم اصبحت فيه كل القيم سائلة.. اوربما كل هذا وهم ابتكره خيالي، ربما كل شي على مايرام؟ لا اعلم، هل هنالك من يفكر مثلي بنفس الطريقة؟