من البدء والإنسان مطبوع على حب التقدير، فنسمع أن فلان يفاضل بين وظيفتين واحدة منهما أقل في المرتب من الأخرى؛ لكن بيئة العمل توفر التقدير الإنساني للموظفين، فنجد أغلب النصائح توجهه لاختيار الوظيفة الأقل في المرتب والتي تقدم التقدير الإنساني، وتفضيلها على الوظيفة التي تقدم الربح المادي لكن بيئة العمل فيها سيئة.

حكى لنا ديل كارنيجي قصتين في كتاب "دع القلق وابدأ الحياة": واحدة منهما لرب عمل قدم لموظفيه مكافأة تقترب من 6000 دولار لكل موظف.

والقصة الأخرى لسيدة كفلت طفلتين وسهرت عليهما في مرضهما، ورعتهما وتولت نفقتيهما الدراسية حتى كبرتا، كما أنها زوجتهما.

المشترك بين القصتين هو غياب التقدير المترتب على أفعال الشخصين؛ فلا رب العمل تلقى الشكر من الموظفين، ولا السيدة تلقت الامتنان من الفتيات.

قد يكون من الحكمة للإنسان أن يقبل بالطبيعة البشرية كما هي؛ فيعرف يقيناً أن قليل من البشر من يشكرون الفضل ويحفظون الإحسان، وأكثر منهم قلة من يرعون المعروف ويردون الجميل.

فلا يجب على الإنسان أن ينتظر شكر وتقدير، سواء كان موظف، أو صاحب عمل، أو زوج أو زوجة، أو أب أو أم..

لكن المعضلة مع ذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يقدم الكثير في علاقة يشعر أنه غير مقدر فيها، ولا يستطيع أن يجدد أفعاله السخية إذا شعر أنها لا تلقى الامتنان من الأساس.

فهل نستطيع التحلي بالتعقل الكامل فلا ننتظر من أي شخص أن يحفظ المعروف.. أم أن امتنان الطرف الآخر دليل على صحة العلاقة، وغيابه علامة لنا للانسحاب منها؟